عدوى

جعفر حمزة*

التجارية ٢ يوليو ٢٠٠٨

ما إنْ قدمها له، حتى اعتذر وقال إنّ هذه “العلكة” تحتوي على مواد لا يصح أكلها। وعند سؤاله عن مصدر تلك المعلومة حتى بدت عليه ملامح الثقة والاطمئنان “لقد استلمت رسالة عبر بريدي الإلكتروني تؤيد ما قلتُه بالحقائق والصور”، وأضاف “سأبعثها لكم في أقرب وقت”، وما كان من الآخرين سوى الانتظار.

لقد أصبحت المعلومات المتعلقة بالمنتجات أوالخدمات من ضمن “طيف واسع” من الكم الهائل الذي يستقبله الأفراد كمعلومات يومية بل وفي كل بضع ساعات، لتشكل “توجهاً” غير واضح الملامح في العلاقة ما بين “Consumer” و”Brand”। إنّ التغير المتسارع في وسائل الاتصال الإلكتروني الحديثة خصوصاً تلك المتعلقة بعالم الإنترنت والفضاء الافتراضي للمعلومات، جعل من خيارات التسويق والترويج غير محدودة، حتى أصبح التوسع الشبكي في الإنترنت بمثابة الفرصة في كل ثانية لاستغلال هذه المساحة أو تلك لظهور هذه الماركة أو لحجز تلك الماركة لخدمات معينة، وبالتالي يصبح ظهور الماركات متناسباً وبصورة طردية مع حجم التوسع الحاصل في نوع الخدمات المستحدثة والحاضرة في عالم الاتصال الإنترنتي. ومع كل تلك المساحات والفضاءات المفتوحة والواسعة في الإنترنت لتقديم الماركات منتجاتها وخدماتها، إلا أنّ ذلك لا يبدو كافياً। حيث انتقلت حركة الماركة من الدائرة “الخاصة” بها إلى المساحات الفردية لمستخدمي الإنترنت حول العالم، والمتمثلة في البريد الإلكتروني والعديد من تلك الخدمات التي نحب أن نطلق عليها “الأحياء الإلكترونية” “Electronics Neighborhood” والتي تحتفظ بخصوصية الأفراد في أحيائهم الخاصة مثل “FaceBook” و”My Space” وغيرهما.
————————————————————————————————–

Definition

Marketing phenomenon that facilitates and encourages people to pass along a marketing message।

Information

Viral marketing depends on a high pass-along rate from person to person. If a large percentage of recipients forward something to a large number of friends, the overall growth snowballs very quickly. If the pass-along numbers get too low, the overall growth quickly fizzles.

At the height of B2C it seemed as if every startup had a viral component to its strategy, or at least claimed to have one। However, relatively few marketing viruses achieve success on a scale similar to Hotmail, widely cited as the first example of viral marketing.

————————————————————————————————–

ولتوضيح سبب الإنتقال التي تفضله الكثير من الماركات من “مملكتها” الخاصة إلى “دار” كل مشترك، لا بد من معرفة أن التسويق عادة يتم في دائرتين رئيستين هما أن تحتفظ “الماركة” بمكانها الخاص بها، ويذهب لها الأفراد، والدائرة الثانية هي أن تنزل “الماركة” بين الأفراد عبر الترويج لها ومن ثم تفاعلهم معها। ونتيجة للطفرة الإلكترونية الحاصلة في مجال الاتصال، تشكلت دائرة ثالثة، وهي أن يقوم الأفراد بترويج “الماركة” فيما بينهم، ولا يحتاج الأفراد في ذلك إلى فتح “فرع” للماركة الأم। حيث يكفيهم “تناقل” المعلومات الخاصة بهاوانتقال تلك المعلومات باسم الأفراد إلى أصدقائهم ومعارفهم لتتسع دائرة “معرفة الماركة” وبالتالي تتحول “الماركة” إلى “حضور” فاعل في حياة الأفراد عبر تواجدها في دائرة خصوصياتهم الإلكترونية. وما يُساعد في عملية “الإنتشار” هي تلك التي دفعت صاحبنا للامتناع عن تناول “العلكة” والذي بدوره سينقل مثل ذلك “المنع” إلى الآخرين، وهكذا يتشعب الامتناع عن تناول “العلكة” وتتسع دائرتها لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد। وهذا بمثابة “العدوى” التي تصيب الإنسان نتيجة “فيروس”।

فكما ينتقل “الفيروس” بسرعة خاطفة، فإن الموقف تجاه منتج أو خدمة معينة ينتقل بطريقة غير اعتيادية أو متعارف عليها من ضمن وسائل الإعلان المتداولة، لذا يُسمّى هذا النوع من التسويق بالتسويق الفيروسي “Viral Marketing وهو أحد أنواع التسويق الإلكتروني الحديث والتي تحظى باهتمام من قبل الماركات العالمية التي تبحث عن علاقة خاصة مع الأفراد، لتتعدّي مجرد بيع المنتج أو الخدمة لتصل إلى مرحلة “التعلّق” بالماركة إلى أبعد الحدود। ومن الأمثلة الناجحة والتي رسمت لها أثراً يُضرب بها المثل تجربة “ Burger King” حيث تم الترويج لشطيريتي دجاج بطعمين مختلفين، وذلك عبر “مبارزة” بين دجاجتين تمثل كل منهما شطيرة مختلفة। ووصل الأمر إلى درجة حضور الآلاف في مباراة على الهواء بين الدجاجتين ليؤدى إحدى الدجاجتين. (١)

وفي قبال هذ النوع من التسويق الذي يحظى بأهمية في عالم التسويق الإلكتروني، بل يمتد ليضرب بجذوره كل المساحات الإلكترونية المختلفة للمجتمعات التي يحتضنها الإنترنت، هناك نسخة مطابقة له في الواقع وهوما يُسمّى ب”Word of Mouth ” وهو التسويق المعتمد على تناقل المعلومة الخاصة بالمنتج أو الخدمة بناءً على التجربة الشخصية وانتشار الخبر ليكون بمثابة “حملة إعلانية” غير مُعلنة لهذه الماركة أو تلك. وتحوي تلك العدويين -مثنى عدوى- قوة كبيرة في اتجاهين، فكما يمكن أن تأخذ “ماركة” إلى موقع مؤثر وبصورة إيجابية من خلال تلك العدوى، إلا أن هذا النوع من التسويق يمكن أن يُستخدم “ضد” الماركة أيضاً। ففي مجال الإعلان المطبوع أو المرئى أو المسموع أو الإعلان الخارجي “OOH” لا يمكن وضع إعلان ضد ماركة أخرى وبصورة واضحة، فهناك قوانين وتشريعات لا يمكن تعديها، وإلا تحولت فضاءات الإعلان إلى معركة شرسة. إلا أن مجال التسويق الفيروسي Viral marketing هي بمثابة “الهايد بارك”، فلا توجد قوانين تمنع تناقل معومات-حتى لو كانت مغلوطة- وبالتالي يجب أن تكون أدوات “المواجهة” مُعدة للثبات في خضم تلك العدوى.

إنّ تنامي وسائل الاتصال لم يُقلّص من المساحة التي يمكن للفرد التأثير فيها، بل تحول الفرد إلى جزء أساسي في نظام التسويق، فالعلاقة القائمة على “ارسال” الماركة لقيمها نحو “الفرد” “المستقبل” لم يعد قائماً بنسبة كبيرة. بل تحول الفرد إلى “مستهلك” و”مسوق” في آن معاً. وهو ما يعكس واقع أنّ دور الفرد تغير، مما يستدعي تغيراً في نوع الخطاب الموجه له بكونه فرداً واعياً مؤثراً لا مستهلكاً مستقبلاًً فقط. فالمجتمع أصبح أكثر وعياً، ونوافذ تلقي المعلومات أصبحت لا تُحصى، وبالتالي فإنّ التعامل مع الأفراد يجب أن يضع في عين الاعتبار “وعيهم” و”انفتاحهم” الذي يضع خطوطاً معينة عندما تريد هذه الشركة أو تلك الترويج أو التسويق لمنتجاتها أوخدماتها. بل لقد أصبح لدى الأفراد القدرة على وضع العصا في العجلة. حيث يمكن للفرد القيام بنشر عدوى إلكترونية – بغض النظر عن صحتها- ضد أي إعلان تقوم به شركة لمنتجاتها أو خدماتها، وخصوصاً تلك المتعلقة بصورة مباشرة بالصحة والسلامة أو خدمات الاتصال على سبيل المثال، وبميزانية لا تتجاوز عدة فلوس -وقت كتابته وإعداده للبريد الإلكتروني- قبال آلاف الدنانير التي تقوم بصرفها الشركة على إعلاناتها المطبوعة والخارجية -على سبيل المثال-. وتعتمد العدوى على حجم دائرة المعارف وقنوات الاتصال التي يتمتع بها الفرد من قاعدة بيانات للمعارف والأصدقاء. لم يعد بالإمكان الاعتماد على الطرق التقليدية في التسويق ورسم التأثير المطلوب ما لم تكن هناك قاعدة صلبة ترسخها الماركة من حيث جودة المنتج أو الخدمة. ومن يريد أن يتميز في دائرة الأفراد الشخصية ضمن محيطهم الإلكتروني، عليه ببدء نشر العدوى التي ستكون له بمثابة حملة إعلانية سيكون ناشروها هم الأفراد أنفسهم.

*مختص في ثقافة الصورة والاقتصاد المعرفي.

(١)
http://www/subservientchicken.com/

Leave a Reply