بحريني متصيِّن!


شعار
“Yen Yang”

شعار “درة البحرين”


بحريني متصيِّن!
جعفر حمزة

ظننتُ من النظرة الأولى أن الشعار الموضوع على أعمدة الإنارة في أكثر من مكان في البحرين لمنتج إلكتروني أو ما شابه ذلك، فالشكل الدائري الذي يتوسطه شكلان متداخلان في بعضهما البعض أرجع صورة “سوني أريكسون” إلى ذاكرتي، لذا لم يكن استنتاجي بعيداً عن “الإبداع” أو “التكهّن المنطقي”، إلا أنني استدركتُ الأمر بربط الشعار بشعار “تايجي ” التقليدي الذي يرمز لقوى “ين يانج” وهو معروف جداً، إذ يتداخل فيه شكلان الأسود والأبيض مع بعضهما ضمن دائرة متكاملة، ولم يخالطني الشك في ذلك، فما عليك إلا وضع اللونين الأسود والأبيض لترى أن شعار “درة البحرين” هو نفس ذلك الشعار الذي يرمز لكيفية عمل الأشياء في العلم الصيني القديم.
ولم يكن حكمي ذاك مُستعجَلاً فيه، فقد أتي الشعار إلى يديّ آخذاً مساحة صفحة كاملة في الصحيفة، ولم يدم الأمر في التمعّن كثيراً حتى وصلت إلى نفس الاستنتاج، وهو أن شعار إحدى أكبر مشاريع العقار في البحرين هو مجرد صورة من شعار صيني قديم لكن بألوان باردة وحارة “الأزرق والبرتقالي”، وكأنه تمثيل مباشر ليس لشكل الشعار “ين يانج” فقط بل حتى معناه، حيث يمثل الشكلان الأسود والأبيض في الشعار الصيني من ضمن الدلالات تداخل التناقضات مثل البارد والحار. فهل هي مصادفة؟
تمثل إعادة هوية أي مشروع من خلال ما يُسمّى بـ”ريبراندينج” وهي عملية يتم تطوير المنتج أو الخدمة بغرض تقديمها بهوية جديدة، تمثل خطوة عملية تتطلب دراسات مستفيضة للسوق ومعرفة جو المنافسة –إن وُجدت-، هذا بالإضافة إلى أن تكون تلك العملية هي إنعكاس مباشر أو رمزي للمنتج أو الخدمة.
ومما تهدف إليه عملية “ريبراندينج” هو تجديد الصورة المطروحة سابقاً نتيجة تطور في الرؤية أو تقدم خطوة في مجال التميز في السوق المنافس، فضلاً عن لفت النظر وشد الإنتباه.
إن الطبيعة المميزة للخدمة أو المنتج تبقى العلامة التجارية حاضرة على الدوام، وتُعتبر عملية “ريبراندينج” من أهم وأصعب العمليات التي تتداخل فيها “كومينيكيشين ماركتينج” مع “أدفيرتايزينج”، فهي بمثابة “تبدّل” لجلد العلامة التجارية أو خروجها من “شرنقة” لتتحوّل إلى “فراشة”، بعبارة أخرى هي عملية تحوّل طبيعية في عالم العلامات التجارية.
وعوداً إلى شعارنا الذي يقدّم قاعدة جديدة في هوية المشروع من خلال عبارة “حياة عصرية بأسلوب أهل الجزر”، ولئن كان الدمج مميزاً من ضمن هويات متعددة لمشاريع مختلفة في البحرين، إلا أن اتخاذ الشعار بالشكل الحالي يمثل “تراجعاً” في مستوى التحدي لمشروع تبلغ ميزانيته الملايين.

وبعيداً عن التحليل التسويقي للشعار، دعونا نقرأ هذا السيناريو المفترض، والذي يمثل قراءة واقعية وعملية للشعار ومفهومه:
يستوقفه الشعار الموضوع على منصة الترويج لمشروع “درة البحرين” في معرض عقارات ويقترب متمعنّاً فيه، لا يبدو عليه مهتماً بالمشروع قدر اهتمامه بالشعار بالرغم من أنه رجل أعمال وهو يبحث عن الفرص حول العالم للاستثمار والتطوير، ومع ذلك نسى المشروع برمته وأخذ يقلّب عينيه حول الشعار، وبدرت منه ابتسامة صغيرة مشوبة بغضب خفيف، وكأنه اكتشف سراً لا يمكن السكوت عنه، وهو يقول في نفسه : ألا يعرفون أن هذا الشعار يرمز إلى فكرة دينية نشأت في بلدي الصين، وقد بات معروفاً حول العالم، ويكفي أن تبحث في “جوجل” عن “ين يانج” ليعرفوا ليس مدى التقارب الشكلي فقط، بل مدى أخذ المعنى منه في شعارهم الجديد؟ لا أعتقد أن الإنترنت كان مقطوعاً عندما عملوا الشعار!”
حوار افتراضي وسيناريو مختلق قد لايكون واقعياً، لكن النتيجة والتحليل لن يبتعدا كثيراً عن أذهان من ينظرون لشعار مشروع “درة البحرين”، بل حتى الصغار أثاروا نفس السؤال “أليس هذا الشعار معمولاً به من قبل؟، لكن الألوان مختلفة!”.

لقد أصبحت السوق “حامية الوطيس” وهو مدعاة لمنافسة تستند على الإبداع والتميز وتمثيل خصائص ومميزات أي منتج أو خدمة عبر هوية قائمة بذاتها، مُلفتة، قوية، مرنة، ذات دلالات فريدة، فضلاً عن حضورها الشكلي في الألوان والخطوط والتطبيقات العملية لها.

والغريب في الأمر أن يكون اسم المشروع محلي وذو طابع نفتخر به منذ القدم، وهو اشتهار هذه الجزيرة المعطاءة باللؤلؤ الطبيعي والثروة البحرية، في حين نرى أن الشعار يعكس نمطاً وثقافة من أقاصي شرق آسيا، وكأننا نتحدث عن بحريني متصيِّن “أي صيني”، فضلاً عن عدم تقديم المشروع لبدائل طمر المساحة المائية، وذلك من خلال بيئة طبيعية للأسماك والحياة البحرية بصورة عامة، ولا يكفي دعم دراسات عن الحياة البحرية لهذه الجهة أو تلك ما دمت تدمر أساس الحياة البحرية، ومع وجود “..بأسلوب أهل الجزر” في الشعار!

موقع مشروع درة البحرين
http://www.durratbahrain.com/

Leave a Reply