بين أيوب وفيلكس .. إنجازات بين طيران وسقوط. فأين نحن منهما؟

 

كثيرون تابعوا “قفزة فيلكس” التي أصبحت حديث الساعة في الأخبار العالمية. وذلك لجرأتها وخطورتها أيضاً.

وبقدر ما تُبرز قدرة الإنسان على تحدي قدراته وخوفه، فهي تكتنز عناوين عديدة في هذا الحدث الذي لم يتجاوز دقائق معدودات.

ففي حين كان هدف صاحب الحدث ” المغامر فيلكس” ذو ٤٣ عاماً والنمساوي الجنسية هو تسجيل رقم جديد في عالم الرياضات الخطرة وتحقيق حلمه في الظفر بأسرع وقت في السقوط الحر

Free Fall

. حتى أن الوشم الموجود على ذراعه يُعبّر عن حلمه .

Born to Fly

ذلك الحلم الذي انطلق به “عباس بن فرناس” العربي قبل مئات السنين، ليدفع حياته ثمناً لذلك، لنصل إلى هذا الزمن بتحقيق حلم ولو من نمط مختلف قليلاً في الطيران من قبل “فليكس” هذه المرة.


قفزة فيلكس ليست تحقيقاً لطموح شخصي له فقط، بل هي إضافة في السجل البشري في مجال السقوط الحر وما لذلك من نتائج وقراءات من الناحية العلمية.

وما كان لذلك أن يكون لولا وجود شخص مثل “فيلكس” في جرأة الإنسان لتحدي نفسه، ولولا فريق متكامل من الدعم الفني والتوثيق والتدريب والمتابعة والمساندة، كل ذلك مع وجود دعم “ذكي” من لدن ماركة تجارية تؤمن بأنَّ لها قصب السبق لتحتوي هذا الحدث، من أجل تعزيز قيمتها التجارية من خلال حضورها الفعلي لهويتها، وأول ما تراه في الفيديو الرسمي للسقوط الحر لفيلكس هي خوذته وبدلته الموسومين بشعار

 RedBull


نتحدث هنا عن تكامل جميل صنعته التقنية مع الدعم المالي مُتَوَّجاً بشجاعة الإنسان.

وعند اكتمال هذه العناصر يمكن رؤية إنجازات بشرية متنوعة وفي مختلف المجالات. ولِتُشكِّل إضافة نوعية في أكثر من حقل ما زال الإنسان يحبو فيها باحثاً مكتشفاً ومغامراً رائداً.

ومع وجود نسبة ولو بسيطة بتعذر فتح المظلة ل”فليكس”، إلا أنه أقدم على الأمر وعائلته تنتظر وصوله على قدميه أو متناثراً على الأرض. وما إن وطأت قدماه الأرض، حتى يُخال لي كأنه “آرمسترونغ” عندما وضع قدمه على سطح القمر.

بعض البشر كعباس بن فرناس وفيلكس يؤمنون بنهاية حياتهم بالموت، لكن ما يميزهما عن غيرهم

أنهم يختارون الموت ليكون إضافة لحياتهم بعد حين.

http://www.youtube.com/watch?v=aBvdDx6aQIU


ومع أن الرقاب مشرأبة للسماء للنظر إلى “ فيلكس” أو أولئك الذين شاهدوه عبر البث الحي، إلا أن حدثاً آخر بالقرب منا وهو أقل ارتفاعاً من قفزة فيلكس، إلا أن سقف إنجازها عالٍ جداً جداً.

ذلك هو ما صنعته “طائرة أيوب” التي أطلقها حزب الله اللبناني لتخترق أنظمة تجسس عالية الدقة والتقدم من قبل عدة جهات، أمريكية وأوروبية وإسرائيلية. لتصل إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة وتأخذ وتبث كل المعلومات، ولا تُكتشف إلا بالعين المجردة بعد أن اجتازت ما يُسمى بالقبة الحديدية التي تفتخر بها الأنظمة الدفاعية الصهيونية.

هذا الحدث وإنْ لم يلق بمثل الزخم الذي لقته سقطة “فيلكس” الجريئة في الإعلامين العربي والغربي، إلا أنها حققت نتائجها، وأظهرت مارداً علمياً ليس هينّاً غير الذي كنا نظنه موقوفاً عند الغرب فقط.

ماردٌ يُدرك صناعة من أعقدها وأخطرها وأفتكها، هي صناعة الاختراق والتجسس وجمع المعلومات.

نتحدث هنا عن الولايات المتحدة الأمريكية، إمبراطورية صناعة الأسلحة والتقدم التكنولوجي وهي ظهيرة ومساندة للكيان الصهيوني والكريمة عليه بكل جديد في قبال تجربة من قبل حزب مقاوم في دولة عربية استخدم طائرة استطاعت بتقنية ما أن تحترق كل تلك الحواجز من أنظمة دفاع ورصد لتجمع المعلومات،و”تستعرض” عضلاتها بعد كل ذلك لتُكتشف بالعين المجردة ويتم إسقاطها.

http://www.youtube.com/watch?v=YRCmuK2XCeE


ومن بين هاتين التجربتين، ما زلنا نجتر نُكتاً وطرائف على تجربة فليكس أو ربما التهكّم بها، ونغض الطرف تحليلاً واستفادة من تجربة الاختراق لطائرة أيوب وتكون ملصقات التدني في الوسم الطائفي جاهزاً.

ولكليهما إنجاز ورُقي بالإنسان، فالأول سقط ليرتفع، والثاني ارتفع لكي لا يركع.

فأين نحن من هاتين التجربتين؟

كلاهما سَبقٌ دفعه العلم والتقنية،ووجهه الهدف والرسالة، ونحن في منصة المشاهدين نرى كليهما، ولا نُضيف منهما شيئاً لارتفاعنا، سوى سقوط حُر دون تخطيط أو هدف أو تكون مجالاتنا الجوية مُخترقة من كل حدب وصوب.

 

فيلكس بسقوطه قد ارتفع بتجربة الإنسان، وطائرة أيوب باختراقها قد ارتفعت بكرامة إنسان.

 

فأين نحن الآن؟؟!