الأوريغامي المقدس.. جعفر حمزة وأسئلة العصر برؤية قرآنية. بقلم زكريا رضي

 

الأوريغامي المقدس

جعفر حمزة وأسئلة العصر برؤية قرآنية

زكريا رضي

ملتقى ( نقش جاليري )

٢ فبراير ٢٠١٣

   يقتحم جعفر حمزة في الأوريغامي المقدس منطقة طالما ظلت مشوشة ويعتريها الغموض وهي تحديدا منطقة التقاطع بين ( العلمي والديني ) أو بين ( المادي والروحي ) أو فلنقل أيضا بين التاريخي المتغير/ والثابت المقدس،، وربما سبقت الكاتب في المقاربة القرآنية برؤية عصرية تجارب ودراسات من بينها دراسات الكاتب محمد شحرور، وأبحاث محمد عابد الجابري، وكتابات الباحث التونسي هشام جعيّط  وكذلك كتابات بعض المستشرقين

مشكلة هذا المنهج هو في التعامل مع المادة المقدسة، وتحديدا في أسبقية الرؤية أعني من يخضع لمن؟ هل المادة المقدسة رهينة البحث التاريخي والقوانين العلمية أم العكس؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن المادة المقدسة إن أخذت بمنظور البحث العلمي فكل النصوص سواء سماوية كانت أم أرضية ( نتاج تجارب الشعوب ) وإن أخذت بالمنظور العقيدي فالقرآن نسيجُ وحده، وباقي الكتب السماوية في مسار مختلف.

الآن دعونا مع القرآن ومع جعفر حمزة؟

كيف قارب الكاتبُ الآيات القرآنية ؟

هل طوع الآية للقانون العلمي أم العكس؟

ما الأدوات التي استعملها الكاتب لاستنطاق الآيات القرآنية؟

لتجنب المزلق الخطر الذي ينتج عن هكذا نوع من المقاربات للنص المقدس، نجا الكاتب جعفر حمزة من الوقوع في رمال تلك المقاربات المتحركة، وذلك بالسير عكس المسار المتوقع والذي ذهب إليه كثير من الباحثين في النص القرآني، بالسير من الآية إلى القانون ( وبذلك يصبح الكتاب القرآني مصدر القانون لا العكس )

دعونا نمرّ سريعا على بعض تلك الآيات والقوانين المستخدمة:

استعمال مصطلح ( الثقب الأسود ) وهو مصطلح علمي معروف في الفيزياء الفلكية للتعبير به عن خط الإصلاح البشري الذي تخطه السماء  لأهل الأرض حيث يتشكل هذا الخط المستقيم مع الوقت ليتكثف وليتحول إلى دائرة هي نواة ( الثقب الأسود ) الجاذب إليه كل فطرة سليمة.

استخدام مصطلح (الملف المضغوط compressed file ) للتعبير عن كم الأمثلة والعبر التي يوردها القرآن وتختزل تلك الأمثال كمية هائلة من الرسائل البيّنةالتي تحتاج لتأمل

استخدام قانون الفعل ورد الفعل ( لكل فعل ردّ فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه ) وذلك في استنطاق الآية الكريمة ( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون )

استخدام المعادلات الرياضية والهندسية في تحليل معادلة الصبر والانتصار وهو ما أطلق عليه الكاتب ( مثلث النصر)

استخدام قوانين نيوتن في تحليل المسار الزمني لعملية الإصلاح والثبات في مواجهة الخصوم ثم الانتصار

⚫توظيف المعجم السياسي

وظف الكاتب جعفر حمزة المصطلح السياسي في أكثر من موضع واستعان بعدد من المصطلحات السياسية ومن ذلك مصطلح ( خارطة الطريق ) واستعمله في تأملاته حول سورة الفاتحة ومن ذلك مصطلح صراع الطبقات والطبقة البرجوازية وهي من المصطلحات وإن كانت لصيقة الصلة بعلم الاجتماع السياسي إلا أنها لها دخالة أيضاً في حقل السياسة واستعملها في تحليله لمحاور الصراع في أيام الفرعون فرعون مصر

استخدم الكاتب مصطلح ( اللجوء السياسي )استعمالا غريبا وطريفا من نوعه وأعده من استعمالات الكاتب المبتكرة حيث عبر عن لجوء أصحاب الكهف إلى الكهف نوع من اللجوءالسياسي إلى الله يعني طلب اللجوء السياسي من سلطان الله ودولته

ومن بين تلك الاستعمالات في نفس القصة استخدم الكاتب مصطلح الانشقاق والخروج من داخل السلطة من قبل أصحاب الكهف والتحول إلى الدين البديل دين التوحيد

⚫ النماذج المقارنة:

لعل أبرز ما في الكتاب هو قدرة الكاتب على إبراز النماذج القرآنية المقارنة، ومن ذلك نموذج الخيانة في امرأتي النبي نوح والنبي لوط { بالطبع الخيانة من داخل بيت النبي نفسه أي من داخل البيئة الجاذبة روحيا أمر مستغرب وشديد النفور والقبح ومع استعمال القرآن لهذه المفردة المنفرة إلا أن إجماع المفسرين على أن الخيانة منهما كانت خيانة دين فالأولى كانت تحرض قوم النبي نوح عليه ، والثانية كانت ترشد قوم النبي لوط وتدلهم على ضيوفه} والمحصلة لم تمنع مكانة هاتين المرأتين وقربهما من النبي من مصيرهما الأخروي، ولم تمنحهما تلك المكانة ( حصانة ديبلوماسية )،،، [ عودة للمعجم السياسي ]

 في مقابل نموذج المرأة الخارجة على سلطة القصر وسلطة المكانة ( آسية بنت مزاحم ) امرأة فرعون ونموذج المرأة القديسة ( مريم بنت عمران )

Leave a Reply