الرئيسة

  • محبو العفن


    محبو العفن

    جعفر حمزة
    صحيفة التجارية

    كانت البيئة مناسبة جداً ليتخذ من طعامي الذي نسيته على الطاولة بيتاً له، فالطعام مكشوف ومعرض للتيارات الهوائية، فضلاً عن قابلية كبيرة لتقبّل الزائر الذي لا مجال معه سوى أن يكون مصير طعامك سلة المهملات، ولا تجادل.
    فالعفن ينتظر الفرصة المناسبة ليتكوّن على سطح الأطعمة المكشوفة ويتكاثر فيها بسرعة، ولا غرابة في إطلاق اسم “مستمعرة” عليه، فهو لا يتوانَ عن اقتناص الفرصة لينمو ويتكاثر.
    ذكّرني هذا العفن ببعض الملفات الي كان لا بد من طرحها وتعريضها بشكل صحي تحت قبة البرلمان، لكي لا تنتشر بهدوء وترسم واقعاً لا يمكن الحديث عنه بالعلن.
    ومن أهم الملفات التي تنخر في جسد هذا الوطن هو التمييز الوظيفي، والذي يعتمد في حركة التوظيف على نسب العائلة ومكانتها، فضلاً عن الإنتماء العرقي أو المذهبي والمناطقي، وقد ذكرت العديد من التقارير الدولية خطر هذا الملف وتداعياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البحرين، من ضمنها تقرير منظمة “إنترناشيونال كرايزز جروب” للعام ٢٠٠٥م. والذي نوّه إلى أهمية معالجة ما أسماه التقرير بـ “مأسسة التمييز”، والذي يتخذ أنماطاً متنوعة وواسعة تمتد لقطاعات مختلفة في جسم التوظيف بالبلاد.
    وكان من المؤمل أن تتبنّى الكتل النيابية ملف “التمييز الوظيفي” الذي طرحته الوفاق تحت قبة البرلمان، إلا أن رفض تلك الكتل لطرح الملف عكس واقعاً خطراً يتبناه بعض“نواب الشعب”، ويُنذز بانتشار “رسمي” للعفن وتوسعة “مستعمرته”في كل ركن من هذا الوطن، الذي ينتظر أبنائه تسخير قدراتهم في القنوات الصحيحة والعادلة بعيداً عن كل الأسباب التي لا حول لهم ولا قوة عليها.
    وعندما ينتشر العفن في الطعام، فلا مجال لتناوله ويكون مصيره القمامة، وعندما ينتشر “ التمييز الوظيفي” فإن المساحة الجيدة للعمل ستكون معدومة، ومن الجيد ذكر تبعات توسّع ذلك “العفن”:
    – من أهم أسباب هجرة العقول والكوادر المؤهلة لخارج بلدانها، هو وجود التمييز الوظيفي في قطاع العمل، وهو استنزاف لطاقة متجددة تحتاجها البلدان في خضم تحديات العصر.
    – تعزيز الغبن وغياب الإنصاف وزرع اليأس في الكوادر الوطنية المؤهلة، وانقلاب المعايير، وبالتالي البحث عن تلك المعايير الجديدة “التملق، الواسطة، الرشوة، إلخ” للحصول على وظيفة أو الوصول إلى مركز أو ترقية.
    – التدني في مستوى الإنتاج المعرفي نتيجة وجود كوادر غير مؤهلة للمناصب التي يتولونها.
    – تجذّر في شجرة الفساد الإداري والمالي في القطاعات المختلفة لاستمرار ذلك “العفن”، وبالتالي إستنزاف للموارد المالية و”تصريف” أصحاب المؤهلات إلى “الباب الخلفي”.
    – استنزاف الجهد والوقت والمال من أجل “تمشية حال” من يحتلون المراكز الوظيفية، عبر دورات وسفرات ومزايا، وذلك من أجل “القيام على أرجلهم” وتسيير الأمور على أقل مستوى.
    – تأصيل لعقلية خطرة في الجسم الطلابي كرؤية عند البحث عن عمل، وانعكاس ذلك في سير الدراسة والتخصص وبناء العلاقات.
    ويبدو أن “تبعات” ذلك العفن من رائحة ومنظر، فضلاً عن الأمراض التي يجلبها معه لا تخفى على “نواب الشعب” الذين رفضوا وضع ذلك “العفن” تحت المجهر ومعالجته والحد منه، إذ يبدو أن البعض يستسيغ “مشاهدة العفن”!

    وفي ظل المتغيرات المحلية والعالمية، والتي تسعى مملكة البحرين من ظلالها لوضع قدم ثابتة على خارطة الاقتصاد والإصلاح السياسي، وهي معادلة طبيعية إذا قرأنا المتغيرات والجهود التي تبذلها البلدان النامية والجارة فضلاً عن البلدان المتقدمة، كدولة الإمارات العربية المتحدة وماليزيا وسنغافورة وغيرها من البلدان التي تسعى إلى “تأسيس” اقتصاد ومجتمع معرفي يعتمد على الكوادر المؤهلة ليست الجيدة بل الممتازة، إذ لا يكفي الحديث و”التغنّي” بالتوصيات والخطب واللقاءات إن لم يكن هناك تشريع يتبعه تنفيذ عبر آليات تراقبها جهات مستقلة ومحايدة.
    هناك قطيع إلكتروني متمثل في التحديات الاقتصادية والفكرية والمعرفية في عالم اليوم كما يقول “توماس فريدمان” في كتابه “السيارة لكزس وشجرة الزيتون ”، ولا يمكن الرهان على حصان “مريض” في سباق يضم خيولاً مدربة ومؤهلة وسريعة.
    وفي حال استمرار وجود ذلك الحصان، فإننا سنخسر ورقة رابحة قد “تطير” إلى الخارج أو “تحترق” أو يصيبها “العفن”، وفي كل الأحوال فإن بعض“ ممثلي الشعب” هم المساهمون في توزيع ذلك العفن وتأصيله في الأجيال الحالية والمستقبلة.

    وما رفض بعض الكتل النيابية لفتح ملف “التمييز الوظيفي” إلا دليل على عقلية لا تفقه القراءة الجيدة للمتغيرات الاقتصادية والمعرفية والتي يجب أن نضع البحرين على خارطة التميز، وتبعات تلك القراءة الناقصة هو انتشار ؛العفن” في كل الوطن.

  • منجم في الرحم

    منجم في الرحم

    جعفر حمزة

    جريدة التجارية ٩ يناير ٢٠٠٨

    بدت الأقمشة السوداء واللوحات الفنية، فضلاً عن الأعلام السوداء وكأنها تعانق الجدران والبيوت في مختلف مناطق البحرين، فهي على موعد لموسم ديني مميز يشارك فيه الجميع بلا استثناء، موسم يشكل محطة زمنية سنوية تتظافر فيها كل الجهود لإظهاره بصورة حضارية ومتنوعة في كل عام.
    وما زالت البحرين منذ عقود طويلة تقدم شهر محرم الحرام بطعم يجذب الكثيرين من دول الجوار والدول العربية والإسلامية، حتى باتت مركزاً للإهتمام والمكان الذي يتوقع منه الجميع تقديم الجديد في كل مرة.
    وتلك اللوحة الإعلامية تشكلها الصور المتعددة التي ترسم الملامح الفريدة لعاشوراء البحرين، لتتحوّل الأخيرة إلى محط أنظار المهتمين والمتابعين، ومن تلك الصور:
    المجالس الحسينية المتنوعة في الطرح والموضوع، المواكب العزائية المميزة بتنظيمها، الفعاليات التي تقيمها بعض الجمعيات والجهات للأجانب بتعريفهم على هذا الموسم الديني من خلال تقديم نهضة الإمام الحسين (ع) وقيمها الإنسانية النبيلة، فضلاً عن بعض الصور والفعاليات التي تلامس الجانب الفني من خلال المرسم الحسيني السنوي، حيث يفتح ذراعيه للجميع، والجانب الإنساني عبر حملات التبرع بالدم..
    وكل تلك المفردات تشكل رافداً إعلامياً واقتصادياً مهماً للدولة إن هي أحسنت الاستفادة من حضور موسم عاشوراء بقوة.
    ودور مؤسسات المجتمع المدني والأخرى ذات العلاقة المباشرة بتزويد هذا الموسم بعطاءاته ستسهم هي الأخرى إن تضافرت الجهود مع الدولة في بلورة “سياحة دينية” يرسمها جهود أهل البحرين بأطيافه المتعددة مع مؤسسات الدولة.
    وتمثل “السياحة الدينية” من ضمن الروافد الثقافية والاقتصادية للدول، ففي كثير من الدول تعتمد في سياحتها على الأماكن الدينية أو التراثية لجذب السياح، وإذا ارتبط الأمر بأماكن ذات قدسية أو احترام خاص لبعض الديانات أو المذاهب فإن ساحة التفاعل في الدائرتين الاقتصادية والفكرية تتسع ويزداد تأثيرها، ولا أدل على ذلك من أماكن السياحة الدينية في العديد من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية كالسعودية، والعراق وسوريا وإيران ومصر ولبنان والهند وتايلند والتيبيت وإيطاليا والفاتيكان والبرازيل.
    إلا أن ما يجعل البحرين مميزة على خارطة السياحة الدينية في المنطقة هو نشاطها المحموم وإبداعها في تقديم موسم محرم كل عام بطريقة مختلفة، وكأن البحرين تعيش “كرنفال ديني” كل عام من خلال العديد من الفعاليات والأفكار والأنشطة.

    إن المواسم الدينية إحدى أفضل الأوقات التي يمكن من خلالها إرسال العديد من الرسائل ذات المضامين الحركية بما يخدم السلم المجتمعي، وتعزز مفهوم السياحة الدينية ذات المردود المؤثر في الجانب الاقتصادي للدولة. فضلاً عن تقديم الرسائل المشتركة بين الدولة والمجتمع، ولا أدل على ذلك من إطلاق مشروع عاشوراء البيئي الذي ينظمه مركز المنامة الإعلامي بالشراكة مع وزارة البلديات ووزارة الصحة والهيئة العامة للبيئة والثروة البحرية والحياة الفطرية، ومجلس بلدي المنامة، بالإضافة إلى الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتدشين رسالة سلام من البحرين للعالم وهي إحدى الصور التي يتمثل فيها التعاون بين الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وما حملات التبرع بالدم في موسمي محرم وصفر إلا صورة أخرى تتمثل فيها الرسالة الإنسانية لنهضة الإمام الحسين (ع).
    كل تلك الصور تقدم المعادلة التي تجعل من البحرين لها القابلية لتكون مركزاً مميزاً للسياحة الدينية في المنطقة وما في ذلك من مردود إعلامي واقتصادي تضيفه البحرين إلى رصيدها، ويتمثل ذلك عبر إفراد مساحة محترمة تليق بموسم عاشوراء في الإعلام الرسمي، ووضع الخطط التنظيمية المشتركة ليكون عاشوراء موسماً يساهم في صناعة الصورة للدولة أو ما يسمونه ب” كونتري براند”
    وفي ظل تطور الطرح العاشورائي في الخطاب والصورة التي تمثل عملية نمو متصاعدة للجسم الديني للموسم حركة وصورة ومنهجاً، نعتقد بأنه من المناسب في ظل تلك الرؤية أن يتم طرح أفكاراً إبداعية تنقل من مستوى الخطاب والصورة من مستوى متعارف عليه إلى مستوى التميز والجذب الإبداعي.
    “كرنفال عاشوراء” من ضمن الأفكار التي يمكن طرحها كصورة حركية ورسالية وإعلامية لموسم محرم، حيث يمكن استعراض رسالة الإمام الحسين(ع) وثقافة محرم من خلال مسيرة شاحنات مجهزة بمجسمات وعروض متنوعة من تمثيل وتقديم السمعيات والمرئيات والمطبوعات بلغات متعددة، ليكون “كرنفالاً دينياً” يحتضنه أهل البحرين على مستوى العالم الإسلامي، وهي نقطة جذب رئيسية ستدفع الكثيرين من زوار وإعلاميين ومهتمين ومثقفين إلى شد الرحال إلى هذه الجزيرة النشطة بأهلها.
    للبحرين بثقافتها وتراثها نقاط قوة وجاذبة “بوتينشال براند” يمكن الاستناد عليها لتقديم أنموذج حي لتفاعل شعبي رسمي يقل مثيله في الدول، فهل سيتحول محرم الحرام إلى منجم يمكن البحث فيه عن فرص لتحويل البحرين إلى محطة للسياحة الدينية، أم تظل الصور كما هي من داخل الساحة المحلية فقط؟؟

  • نظارة+جينز= فيلم

    نظارة+جينز= فيلم
    جعفر حمزة
    التجارية 2 يناير 2008
    قد تبدو معادلة غريبة من نوعها ، إلا أن معاملاتها (نظارة و جينز)هي مكونات تبرز على السطح نتيجة تفاعل الأفراد(المشاهدين)مع ما يُطرح من أزياء تتعلق بأبطال الفيلم ،و بذا تتم عملية (التدوير)للباس و متعلقاته من شخوصات الفيلم إلى المشاهدين ، و من المشاهدين إلى أصحاب السوق، و تتحرك تلك العملية ك(تغذية راجعة) ، و مؤشر واقعي للتفاعل الحاصل بين المشاهد و الفيلم.
    و الترويج للكثير من المنتجات اللباسية و ما يتبعها يتم عبر التعاقد مع كبار الممثلين سواء في الإعلانات الثابتة او المتحركة ، و نتيجة الهوس الرياضي في الكثير من المجتمعات النامية كانت منها أو المتقدمة ،يتم التعاقد مع مشاهير الرياضيين للدخول في عالم الإعلانات من أجل هذه السلعة أو تلك، وقد يتخطى الأمر بالنسبة للبطل الرياضي مجرد إعلان تجاري، ليدخل عالم السينما منأوسع أبوابه،و خير مثال على ذلك هو المصارع (ذا روك) ، و الخطوات المتواضعة للاعب الكرة الإنجليزي (ديفيد بيكهام) عبر أخذه لبعض الأدوار الثانوية في أحد الأفلام.
    الكثير من المنتجات المتوفرة في السوق لا تتحرك بناء على الجودة و الفائدة بقدر ما تأخذه من مساحة (بصرية) عند المستهلك، لينسخ من البطل الذي يعشقه سلوكا و فكرا و لباسا يتقمصه ، عسى أن تكون تلك الطريقة مقربة للأنموذج الذي يصبو إليه الفرد المشاهد ، و من خلال النظرة العامة للشباب البالغين في المجتمع ، نرى نسبة التقمص( اللباسي) الذي يعكس الكثير من التصورات عن ذات الفرد و محيطه ، بل و تأخذ منحى تأثيريا إجتماعيا عبر ما يسمى بالارتباط الشرطي اللباسي ، الذي يشكل حركة الفرد بناء على ما يملك من صور تأثر فيه و تتأثر به، و ما اللباس إلا إلا مكون أولي لبيت شخصية الفرد،وحين تحصل تبعية التقليد في أشكال و صور الأفلام من لباس و سلوك ، ينعكس كنيتجة طبيعية على إدراك الفرد لنفسه و السؤال عن ذاته .
    النظارة الجينز أهم صورتين بإمكان الفرد العادي أن يتلبسهما ، و يتشكل فيهما بطرق متعددة، و كونهما(الأيقونة) الظاهرة للمشاهد لذا يتم التركيز بعناية في إختيار ملابس الممثلين من الفكرة الرئيسية مرورا بالحياكة و التصنيع و انتهاء بالشكل الخارجي ، فضلا عن وجود (ألبسة ) متفق عليها في نسبتها لأبطالها ليمتد تأثيرها إلى الأطفال من خلال زي (السوبرمان) و (رجل العنكبوت ) و (الرجل الوطواط).
    لقد أصبحت مسألة اللباس في حركته التأثيرية على الفرد واضحة الملامح ، نتيجة التفاعل الحاصل مع ما يُطرح في فيلم هنا أو هناك ، ولا تكتمل عند المشاهد رسم صورة الشخصية التي يحبها و يتبناها إلا من خلال عنصرين يتقمصهما و يعمل بهما ، السلوك و اللباس ، وكلاهما يُسقط أثره على ذات الفرد و المجتمع ، و مسألة دراسة ما يُطرح في الفيلم تدفع الباحثين للتدقيق المدروس في التبعات التأثيرية للفيلم المعروض بشكليتيه الصورية و اللباسية
    .
  • المرأة في‮ »‬الأفلام القصيرة‮« ‬ضرورة‮.. ‬والعرف‮ ‬يحكم

    المرأة في‮ »‬الأفلام القصيرة‮« ‬ضرورة‮.. ‬والعرف‮ ‬يحكم‮ ‬
    شغف قروي‮ ‬لمتابعة الأعمال التمثيلية


    صحيفة الأيام الأول من يناير ألفين وثمانية

    كتب‮- ‬حسين السنابسي‮:


    يؤكد عدد من المهتمين بإنتاج الأفلام القصيرة الموجهة للقرية ان الجمهور‮ »‬القروي‮« ‬متابع جيد للأعمال رغم محدودية الإمكانيات،‮ ‬مشيرين إلى ان عدم إشراك المرأة في‮ ‬العمل الدرامي‮ ‬مباشرة والاستعاضة بالمشاهد الرمزية لا‮ ‬يعتبر تذاكياً،‮ ‬لافتين إلى ضرورة مراعاة ذهنية المجتمع‮ »‬القروي‮« ‬ونقله إلى التحرر شيئاً‮ ‬فشيئاً‮.‬
    يقول جعفر حمزة‮ (‬مخرج وكاتب سيناريو‮ – ‬قرية المالكية‮) ‬ان الأفلام القصيرة بدأت تتطور في‮ ‬السنوات الأخيرة،‮ ‬لافتا إلى أن الكثير من الجمهور‮ ‬يعتقد أن كلمة قصيرة تعني‮ ‬المدة الزمنية وهذا‮ ‬غير صحيح،‮ ‬والمقصود منها هو ضغط فكرة الفيلم واحتواء الحجم‮.‬
    ويلفت إلى ان الموضوعات التي‮ ‬يتعرض لها منتجي‮ ‬هذه الأفلام متنوعة،‮ ‬فمنها الاجتماعي‮ ‬أو السياسي‮ ‬أو‮ »‬الفنتازي‮« ‬التي‮ ‬تغلب الرمزية على طبيعتها‮ .‬
    ويذكر العوائق التي‮ ‬يقع فيها منتجو هذه الأفلام‮ »‬عدم توافر مواقع التصوير،‮ ‬وهذه نتيجة طبيعية للحالة الاجتماعية والسياسية التي‮ ‬تعكس نوعية الأفلام‮«‬،‮ ‬مضيفا‮ »‬فلا‮ ‬يُسمح بالتصوير في‮ ‬المطار أو بعض الأماكن التي‮ ‬يحتاجها المنتجون،‮ ‬ما‮ ‬يجعلهم‮ ‬يستعيضون بأماكن شبيهة لا تعبر عن حقيقة المشهد،‮ ‬فيخرج الفيلم دون المستوى المطلوب‮«.‬

    تصنيف مناطقي

    ويرفض حمزة تصنيف الجمهور على أساس مناطقي‮ » ‬لا أعتقد ان هناك داع لعملية فرز الجمهور‮ »‬قروي‮« ‬أو‮ »‬مدني‮«‬،‮ ‬هناك حالة التزام،‮ ‬جمهور ملتزم وغير ملتزم،‮ ‬وهذه نتيجة طبيعية لجمهور القرية المحافظين‮«‬،‮ ‬ملاحظا تشابه الظواهر والحالات الاجتماعية والسياسية‮ ‬،‮ ‬فالقضايا مشتركة‮«.‬
    ويضيف‮ »‬ان جمهور القرية واع لأقصى درجة من‮ ‬غيره،‮ ‬فالطقوس الدينية التي‮ ‬يقوم بتصويرها في‮ ‬كل عام‮ »‬عاشوراء‮« ‬من خلال تجسيد مشاهد واقعة الطف،‮ ‬مهد له استيعاب المسرح ومتابعة انتاج الأفلام القصيرة بأنواعها،‮ ‬فالاختلاف‮ ‬يكون في‮ ‬الطريقة فقط‮«.‬

    وينفي‮ ‬حمزة‮ »‬المحظورات‮« ‬التي‮ ‬يشهدها الفيلم القصير المنتج لجمهور القرية‮ » ‬لا‮ ‬يوجد في‮ ‬واقع الأمر محظورات معينة عند كتابته أو إخراجه،‮ ‬بل هناك ضوابط عامة وموضوعات لا‮ ‬يستسيغها الجمهور بشكل عام،‮ ‬ويمكن الاستعانة ببعض الأمور الضرورية بالرمزية‮« ‬مؤكدا‮ »‬ان إشراك المرأة في‮ ‬العمل ليس مخلا بالآداب العامة،‮ ‬فهناك بعض البلدان المحافظة كالسعودية وإيران تنتج هذه الأفلام وتظهر فيها المرأة بدون ابتذال‮«.‬

    تفاعل كبير

    ويلفت إداري‮ ( ‬بحارنة للإنتاج الفني‮) ‬علي‮ ‬العويناتي‮ – ‬قرية السنابس‮- ‬ان تجربة انتاج الأفلام القصيرة تعد وليدة،‮ ‬فهي‮ ‬لم تتجاوز ثلاث سنوات،‮ ‬وهي‮ ‬تجربة‮ »‬هواة‮«‬،‮ ‬لافتاً‮ ‬إلى أن قياس تفاعل أبناء المنطقة‮ ‬يعني‮ ‬بأنها تجربة مثمرة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬عندما تتعدى رقعة المحلية‮.‬
    ويضيف‮ » ‬أعمالنا تلامس الواقع،‮ ‬وتحترم ذهنية الجمهور،‮ ‬وتراعي‮ ‬الضوابط الشرعية،‮ ‬فنحن معتدلون في‮ ‬الطرح ولا نميل لطرف على حساب الآخر‮«‬،‮ ‬متابعا‮ :‬نعتمد بشكل رئيسي‮ ‬على القالب الكوميدي،‮ » ‬حياة الإنسان مليئة بالمصاعب،‮ ‬ومن المحبب تقديم الأفلام الساخرة ذات العلاقة بالظروف الاجتماعية أو السياسية‮«.‬
    ويعتقد ان المرأة تلعب دوراً‮ ‬هاماً‮ ‬في‮ ‬المجتمع،‮ ‬وتجاهلها‮ ‬يعني‮ ‬تجاهل نصف المجتمع،‮ ‬إلا أن هناك أعرافا تقيد وجود المرأة في‮ ‬الأفلام التي‮ ‬ننتجها،‮ ‬ونستعيض عنها برجال‮ ‬يلبسون زي‮ ‬المرأة‮.‬
    ويشير الى الأعمال التي‮ ‬نالت استحسان الجمهور‮ »‬إفطار الصائمين‮«‬،‮ ‬معللا ذلك بالقول‮ » ‬لانها تحاكي‮ ‬واقعا عاما بقالب كوميدي،‮ ‬ولقيت صدى خليجيا في‮ ‬عمان والإمارات‮«.‬
    ويدعو العويناتي‮ ‬المؤسسات المعنية لتقديم الرعاية والاهتمام لهذه الطاقات الشبابية،‮ ‬وتوجيهها في‮ ‬الاتجاه الصحيح،‮ »‬فواقع الحال‮ ‬يقر بمحدودية الإمكانيات المتوفرة مثل التصوير والمونتاج‮«.‬

    ظواهر حقيقية

    ويشير علي‮ ‬يوسف الدرازي‮ ‬أحد أعضاء‮ (‬شمس الولاية للإنتاج الفني‮) ‬إلى ان بعض القرى لها خصوصية معينة،‮ ‬ولهذا فإن بعض الأعمال توجه بشكل خاص لقرية دون أخرى لوجود ظواهر حقيقية‮ ‬يعاني‮ ‬منها المجتمع القروي‮ ‬الخاص،‮ ‬مؤكدا‮ » ‬بعض القرى لا تقارن بتجربتنا لما لها من إمكانيات متقدمة،‮ ‬فنحن نقوم بتصوير الأفلام بكاميرا عادية،‮ ‬وحتى المونتاج‮ ‬يكون على أجهزة الحاسب الآلي‮ ‬الخاص بنا،‮ ‬ولهذا تفتقد للوضوح‮«.‬
    ويعتقد ان الأفلام الكبرى تعالج أوضاعاً‮ ‬عامة وبشكل موسع،‮ ‬لكن الأفلام القصيرة التي‮ ‬نوجهها لجمهور القرى تكون حدثاً‮ ‬خاصاً‮ ‬مثل عملنا الاجتماعي‮.‬
    وعن مواقع عرض الأفلام‮ ‬يقول الدرازي‮»‬تكون في‮ ‬مؤسسات القرية كالمآتم والمساجد وعلى شبكة الانترنت،‮ ‬وتفاعل الجمهور‮ ‬يبدو واضحاً‮ ‬ومباشراً‮«‬،‮ ‬داعيا الى ضرورة الأخذ بالضوابط العامة مثل الامتناع عن ظهور إمرأة‮ ‬غير متحجبة أو الموسيقى الصاخبة والغناء والاستعاضة عنها بالأناشيد و»الآهات‮« ‬الصوتية‮.‬
    و‮ ‬يواصل‮ » ‬بالإضافة للابتعاد عن الكلمات الجارحة،‮ ‬والملابس التي‮ ‬تخدش الحياء والذوق العام،‮ ‬وإن كان المشهد‮ ‬يتطلب ذلك،‮ ‬فتكون الرمزية حاضرة للاستعاضة،‮ ‬مثل تصوير المرأة من زاوية معينة،‮ ‬أو تصوير ظلها‮«.‬
    ولا‮ ‬يرى الدرازي‮ ‬ان عدم ظهور المرأة في‮ ‬العمل تذاكياً‮ ‬على الجمهور،‮ ‬فالأخير لمّاح وذكي،‮ ‬فلا نستطيع إظهار المرأة في‮ ‬القرية على عمل معين،‮ ‬فضابط العادات والتقاليد‮ ‬يحكم الأمر،‮ ‬متمنيا التحرر من بعض القيود التي‮ ‬يفرضها العرف وليست الحدود الشرعية

  • الغداء مع الأنبياء

    الغداء مع الأنبياء”
    الذبح الحلال والتصفية المقدسة
    جعفر حمزة


    يتم قطع رقابهم، وتُرمى أجسادهم في المزابل أو في الأنهار، وقد يكون “العرض” المقدم جماعياً، فيتم حصد أرواحهم بالجملة عبر سيارة مفخخة يقودها “استشهادي” –أو هكذا يسمون أنفسهم- آثر إلا أن “يتغدى” مع الرسول الأكرم )ص(، فيُقدم عليه واضعاً بين يديه “قرابين” من شيوخ ونساء وأطفال “عربون” محبة و”تذكرة” مختومة بدم الأبرياء لدخول الجنة بلا حساب ولا كتاب!

    وكلما قتلت منهم أكثر كان نصيبك من الحسنات وجمع الدرجات أكبر، ويكأنها لعبة “ماريو” حيث يجهد في جمع النقاط من مكان إلى آخر، وأفضل منطقة يستطيع “ماريو” المجاهد أن يكون فيها، تلك التي تضم “أشياءً” لا تنتمي إليه فكراً ومنهجاً وعقيدة، وبالتالي تُصبح عملية “الإفناء” مطلوبة بل وواجبة، فأولئك مثل “الجراثيم” التي لا بد من القضاء عليها والتخلص منها، لما تمثله من “خطر” يهدد بيضة الإسلام وقوته، فهل يؤنبك ضميرك عندما تمسح “البلاط” بالمنظف؟!

    لم تكن تلك القراءة “السوداوية” إلا نتيجة للصور اليومية ووقوفي على سواحل منتديات ومواقع تضع على واجهة “محلاتها” الفكرية مسميات قرآنية، لساعة أو أقل لأقرأ وأشاهد واستنتج تلك الصور “المقدسة” في نظر أولئك “اللافظون” و”القاتلون” للآخر في عنوانه الإنساني والإسلامي.

    فهل يشكل الإختلاف في العقيدة والفكر “إجازة شرعية” لإعمال “الذبح الحلال” في العباد بل وذبح الأوطان؟
    وللإجابة على هذا السؤال “الدموي” لا بد من قراءة تفكك شفرات تلك “الإجازة الشرعية” لنعرف عن أي “شرعية ” نتحدث وعن أي “حلال” نتناول.

    لقد كان السيناريو الأول والذي تحدث عنه التاريخ وذكره القرآن الكريم في العديد من سوره وآياته حول دول وحكومات وممالك أعملت الذبح والقتل والحرق في أقوام لم يكن لهم من ذنب سوى “اتباعهم” للأنبياء و”إيمانهم” برسالاتهم.
    فمن قصة أصحاب الأخدود إلى الويلات التي ساقها فرعون موسى على اليهود، فضلاً عن التنكيل والصلب لاتباع السيد المسيح)ع( ومروراً بقتل وتعذيب وتهجير المسلمين الأوائل في بداية الدعوة الإسلامية.

    وتنقلب الآية بعدئذ ليكون السيناريو الثاني هو تحول الدين من خلال مفهوم “المتمصلحين” من رسالة سلام ورقي بالإنسان إلى أداة قتل جماعية و”محراث” للبشر من أجل المصلحة.
    لقد تحول الدين في بعض سيره من “واهب” الروح للمجتمعات إلى “آخذ” لها، ويشكل هذا التحول في العلاقة بالدين مرحلة مهمة تستدعي التأمل والدراسة، وإن لم تأخذ نصيبها من البحث بدقة أكبر وعرض تفصيلي أوسع.

    وهذا التحول الغريب يذكرني برواية الكاتب الإنكليزي “روبير لوي ستيفنسون ” الذي تناول الإزدواجية الإنسانية عندما يذكر تحول الدكتور “جيكل” الطيب في النهار إلى المستر “هايد” الشرير في الليل.
    ولم يكن التحول إلا نتيجة توظيف النص المقدس تأويلاً وتحويلاً من أجل الظفر بالقوة، سواء كانت سياسية أو دينية، وبدلاً من قراءة ما بين السطور للنصوص الدينية كانت القراءة لسطور النصوص نفسها، وبين تلك القرائتين مساحة شاسعة بين مد اليد للآخر إلى قطع رقبته.
    وقد عمل اليهود على القراءة “المصلحية”، إذ تبينها الآية الكريمة التالية “قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا”.
    وتصل القراءة إلى حد يكون الآخر ليس في موضع خلاف فحسب، بل في موضع وجوب “القضاء” عليه، لما يمثله من “خطر” وتهديد للدين –بحسب مفهوم أصحاب القراءة الناقصة-، وقد كان الخوارج من أوضح الأمثلة على القراءة الناقصة للنصوص الدينية، حتى شهروا السيوف في وجه الخليفة الشرعي آنذاك، وهو الإمام علي بن أبي طالب)ع(، وأحدثوا في خلق الله ما لم يحدثه من كان خارج ملة الإسلام، حيث نهبوا الناس وقتلوهم، وبقروا بطون النساء الحوامل، لا لشيء سوى أن “الضحايا” ليسوا على النهج الذي تبنوه الخوارج.

    ولم يكن قطع الرقاب وإعمال القتل في المخالفين للفكر والمذهب هي الصورة الأبرز لمفهوم “التكفير” و”التطرف” فقط، فهناك “الإقصاء” و”التهميش” فضلاً عن تقديم النصوص الدينية بتأويلاتها الموجهة ضد جماعة أو أصحاب مذهب، والتي تمثل “قميص عثمان”، والذي يستدعي “الثأر” و”رفع العقيرة” و”شحذ الهمم” لاسترجاع الإسلام الأصيل من خلال “الجهاد” لـ”حصد” أرواح “أعداء الإسلام” ومدعيه.

    وتمثل “الطائفية” بجرعاتها المختلفة من السلطة والمجتمع “فرزاً” للأفراد لوضعهم في “كانتونات” ملونة تمهيداً للذبح الجسدي والاجتماعي، فلا فرق بين “إزهاق الأرواح” على الهوية، وبين “هدر الفرص وغياب العدالة” على الهوية، فكلاهما يُفضيان إلى إخلال اجتماعي وعدم استقرار للمجتمع والدولة على حد سواء.

    ولئن كانت الطوائف والمذاهب تعمل بمثابة “التروس” في المجتمع، والتعايش يمثل “الحزام” الرابط بينهم، للقيام بتنمية المجتمع، فإن الفكر الإقصائي، سواء كان “التكفيري” أو “الطائفي” يمثل السكين التي تقطع ذلك “الحزام” ويجعل من تلك “التروس” تدور حول نفسها بلا فائدة.

    وبذا يتساوى “التكفير” و”الطائفية” في النتيجة، وإن كات الأولى إحدى صور الثانية، والثانية تمهيداً للقيام بالأولى.

    ولا يمكن غض النظر عن كل رسائل الطائفية والتي تعززها السلطة من جهة والقوى المجتمعية من جهة أخرى، لنصل إلى مرحلة “الفرز المذهبي” والنظر للآخر بأنه “آخر منبوذ”، لأنه ببساطة لا يتوافق مع الرؤية “الإسلامية الصحيحة”، وبالتالي تكون عملية الإقصاء لأصحاب المذاهب والمدارس الفكرية الأخرى فضلاً عن التهميش مسألة طبيعية وقد تصل إلى مرحلة تقديمهم الآخر كتذكرة للظفر بـ”غداء” مع الرسول الاكرم)ص(.

    ويبقى السؤال حول الآلية التي يمكن من خلالها وضع النص الديني بعيداً عن الطريقة اليهودية “المقرطسة” –أي جعله قراطيس-، والعمل على تجفيف روافد خوارج العصر التكفيري فكراً وممارسة وتمويلاً، ويتأتي ذلك من خلال تكاتف السلطة الحاكمة في أي دولة مع أطياف المجتمع المختلفة، فضلاً عن وجوب محاربة الخطاب الطائفي الممهد بصورة أو بأخرى للأفكار المتطرفة.

    ونبتعد بعد كل ذلك عن أي حديث للغداء مع الرسول الأكرم)ص(، والذي مثل عمق الرحمة السماوية على الأرض، ليس للمسلم فحسب، بل تعداه لكل الإنسانية، بل ولكل كائن حي على هذه الأرض، ويختصر الآخرون الرسول الأكرم في إقصاءهم للمخالفين معهم في الفكر والمذهب.

  • افتحوا الحنفية

    افتحوا الحنفية
    جعفر حمزة

    تصميم داخلي حديث، ونظام إلكتروني للإنتظار وشاشات مسطحة “إل سي دي” تعرض المشاريع الإسكانية التي “رسمت الابتسامة” على وجوه “الآلاف” من المواطنين، ولفت إنتباهي أثناء مشاهدتي تلك “الإنجازات” تعليق أحد الشباب الذين ينتظرون دورهم بالقول: (هذا في البحرين؟)، ولم أعرف ما الذي كان يقصده، أكان سؤاله “تعجباً” أم “تهكماً”، وفي كلتا الحالتين يحق له ولغيره السؤال عن أزمة ما زالت قائمة وتلقي بتبعاتها على جميع فئات الشعب، وهي الأزمة الإسكانية “الخانقة” والتي تتم معالجتها أو الحديث عنها بنظام ” التقطير البطيء”!
    وما لفت إنتباهي بين الديكور والشاشات والتصميم الحديث في قسم المراجعين للطلبات الإسكانية هو “تنهّد” رجل كهل لم يستطع رؤية الرقم الظاهر على شاشات الإنتظار، وكان ممسكاً بيد ترتعش رقماً وأظنه 221، على أمل الحصول على وحدة سكنية طال انتظاره لها لـ 20 عاماً أو أكثر، وقد عرفتُ ذلك منه عندما سألته ما هو طلبك. وأظنه تمنّى أن لا يكون انتظاره كبيراً كما هو حال رقمه.
    وكان إلى جانبي شاب بادرته بالسؤال عن طلبه، فقال إنه مضى على طلبه 4 سنوات للحصول على وحدة سكنية، وعندها ابتسم الرجل الكهل وكأنه تذكر أيام شبابه في السنوات الأولى بانتظار الفرج، وقال للشاب “توها الناس يا ولدي، لحد اللحين إنت ما انتظرت بعد”.
    ولم يكن سؤالي للكهل والشاب إلا مجرد الدخول في حفرة الأرنب كما يقولون لأسمع حكايات تفوز بجوائز الأوسكار في الدراما والقصص الواقعية.
    يبدو أن الحسابات الرياضية تتوقف عند الحديث عن بُنية أساسية في توفير “العيش الكريم” للمواطن البحريني متمثلاً في سكن ملائم، فالدولة نفطية وبدأت باستقطاب رؤوس أموال ضخمة من حول العالم، حتى باتت “قبلة” الاستثمارات في المنطقة مع مدينة “دبي”، فضلاً عن “تدفق” لا ينقطع من المشاريع في شتى المجالات، ومع الزيادة الحاصلة في سعر برميل النفط حول العالم، تزداد قائمة “المدخولات” للدولة بشكل كبير جداً في قبال نقص و”شح” لا يمكن إغفاله في البُنية التحتية فضلاً عن الخدمات والمبادرات التنموية الأخرى التي من المفترض أن تكون “ألف” التنمية قبل “يائها”.
    إن ما يشكل نمط الحركة في المجتمعات الحديثة هو مستوى الوعي بالحقوق الأصيلة مع قليل من المنطق الرياضي البسيط، وما تعدد الاعتصامات المطالبة بوحدات سكنية في هذه المنطقة أو تلك إلا دليل على ذلك، ولضمان وجود الزخم المالي والجاذب للاستثمارات في البحرين ينبغي إشباع هرم “ماسلو” المتمثل في “الأمن والسكن والعمل”، تلك الثلاثية الذهبية التي تمثل الثقب الأسود لكل تطور وازدهار في أي مجتمع، لتنطلق بعده الإبداعات والتميز من خلال الاستثمار البشري وهو رأس المال الأساس في هذا العالم.
    لا تعاني البحرين من قلة الأراضي، وإذا أردت الدليل عليك بمحرك البحث “جوجل إيرث” لتعرف حجم الأراضي “المُشاعة” و”المحرمة” أو “الخاصة” و”العامة”.
    ما نمر به من تحول عمراني يلقي تبعاته السلبية على بقية رئاتنا الطبيعية من مساحة خضراء وبحر وسواحل، لم تضق أرض البحرين بما رحبت،لكن البعض “حجز” مساحته في الداخل وأراد أن “يتمغّط” خارج بر البحرين على حساب البيئة والناس.
    نؤمن بأنه يمكن وضع البحرين في قلوب أهلها قبل وضعها على خارطة العالم من خلال “فتح” حنفيات التدفق المالي، وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط لتتم المشاركة الحقيقية عبر سيناريو عملي يشعر بل ويعيش معه كل بحريني أصيل.
    ونؤمن أيضاً أن “حنفية” كل بحريني يجب أن تكون مفتوحة عندما يريد ذلك، ليكون من ضمن معادلة تنموية حقيقية يجهد ويعمل ويبدع لبحرينه.
    إن افتقاد قاعدة هرم “ماسلو” من سكن وعمل لن يبلغنا القمة، وما يترتب عليه ذلك من فقدان الاتزان المطلوب لأي مجتمع يريد النهوض والتطور.
    ومن المعقول جداً أن يتم “فتح” الحنفيات على مساحات تغطي طلبات الإسكان، ليمكن الحديث عندئذ عن ملفات قريبة من قمة الهرم.
    ما زالت نظرات ذلك الرجل الكهل في مخيلتي، فهل يأتي اليوم الذي يظفر ابن العشرين أو الثلاثين بمنزل دون أن يكون يبلغ عمر الديناصورات، ربما في عام 2030!

  • بحريني متصيِّن!


    شعار
    “Yen Yang”

    شعار “درة البحرين”


    بحريني متصيِّن!
    جعفر حمزة

    ظننتُ من النظرة الأولى أن الشعار الموضوع على أعمدة الإنارة في أكثر من مكان في البحرين لمنتج إلكتروني أو ما شابه ذلك، فالشكل الدائري الذي يتوسطه شكلان متداخلان في بعضهما البعض أرجع صورة “سوني أريكسون” إلى ذاكرتي، لذا لم يكن استنتاجي بعيداً عن “الإبداع” أو “التكهّن المنطقي”، إلا أنني استدركتُ الأمر بربط الشعار بشعار “تايجي ” التقليدي الذي يرمز لقوى “ين يانج” وهو معروف جداً، إذ يتداخل فيه شكلان الأسود والأبيض مع بعضهما ضمن دائرة متكاملة، ولم يخالطني الشك في ذلك، فما عليك إلا وضع اللونين الأسود والأبيض لترى أن شعار “درة البحرين” هو نفس ذلك الشعار الذي يرمز لكيفية عمل الأشياء في العلم الصيني القديم.
    ولم يكن حكمي ذاك مُستعجَلاً فيه، فقد أتي الشعار إلى يديّ آخذاً مساحة صفحة كاملة في الصحيفة، ولم يدم الأمر في التمعّن كثيراً حتى وصلت إلى نفس الاستنتاج، وهو أن شعار إحدى أكبر مشاريع العقار في البحرين هو مجرد صورة من شعار صيني قديم لكن بألوان باردة وحارة “الأزرق والبرتقالي”، وكأنه تمثيل مباشر ليس لشكل الشعار “ين يانج” فقط بل حتى معناه، حيث يمثل الشكلان الأسود والأبيض في الشعار الصيني من ضمن الدلالات تداخل التناقضات مثل البارد والحار. فهل هي مصادفة؟
    تمثل إعادة هوية أي مشروع من خلال ما يُسمّى بـ”ريبراندينج” وهي عملية يتم تطوير المنتج أو الخدمة بغرض تقديمها بهوية جديدة، تمثل خطوة عملية تتطلب دراسات مستفيضة للسوق ومعرفة جو المنافسة –إن وُجدت-، هذا بالإضافة إلى أن تكون تلك العملية هي إنعكاس مباشر أو رمزي للمنتج أو الخدمة.
    ومما تهدف إليه عملية “ريبراندينج” هو تجديد الصورة المطروحة سابقاً نتيجة تطور في الرؤية أو تقدم خطوة في مجال التميز في السوق المنافس، فضلاً عن لفت النظر وشد الإنتباه.
    إن الطبيعة المميزة للخدمة أو المنتج تبقى العلامة التجارية حاضرة على الدوام، وتُعتبر عملية “ريبراندينج” من أهم وأصعب العمليات التي تتداخل فيها “كومينيكيشين ماركتينج” مع “أدفيرتايزينج”، فهي بمثابة “تبدّل” لجلد العلامة التجارية أو خروجها من “شرنقة” لتتحوّل إلى “فراشة”، بعبارة أخرى هي عملية تحوّل طبيعية في عالم العلامات التجارية.
    وعوداً إلى شعارنا الذي يقدّم قاعدة جديدة في هوية المشروع من خلال عبارة “حياة عصرية بأسلوب أهل الجزر”، ولئن كان الدمج مميزاً من ضمن هويات متعددة لمشاريع مختلفة في البحرين، إلا أن اتخاذ الشعار بالشكل الحالي يمثل “تراجعاً” في مستوى التحدي لمشروع تبلغ ميزانيته الملايين.

    وبعيداً عن التحليل التسويقي للشعار، دعونا نقرأ هذا السيناريو المفترض، والذي يمثل قراءة واقعية وعملية للشعار ومفهومه:
    يستوقفه الشعار الموضوع على منصة الترويج لمشروع “درة البحرين” في معرض عقارات ويقترب متمعنّاً فيه، لا يبدو عليه مهتماً بالمشروع قدر اهتمامه بالشعار بالرغم من أنه رجل أعمال وهو يبحث عن الفرص حول العالم للاستثمار والتطوير، ومع ذلك نسى المشروع برمته وأخذ يقلّب عينيه حول الشعار، وبدرت منه ابتسامة صغيرة مشوبة بغضب خفيف، وكأنه اكتشف سراً لا يمكن السكوت عنه، وهو يقول في نفسه : ألا يعرفون أن هذا الشعار يرمز إلى فكرة دينية نشأت في بلدي الصين، وقد بات معروفاً حول العالم، ويكفي أن تبحث في “جوجل” عن “ين يانج” ليعرفوا ليس مدى التقارب الشكلي فقط، بل مدى أخذ المعنى منه في شعارهم الجديد؟ لا أعتقد أن الإنترنت كان مقطوعاً عندما عملوا الشعار!”
    حوار افتراضي وسيناريو مختلق قد لايكون واقعياً، لكن النتيجة والتحليل لن يبتعدا كثيراً عن أذهان من ينظرون لشعار مشروع “درة البحرين”، بل حتى الصغار أثاروا نفس السؤال “أليس هذا الشعار معمولاً به من قبل؟، لكن الألوان مختلفة!”.

    لقد أصبحت السوق “حامية الوطيس” وهو مدعاة لمنافسة تستند على الإبداع والتميز وتمثيل خصائص ومميزات أي منتج أو خدمة عبر هوية قائمة بذاتها، مُلفتة، قوية، مرنة، ذات دلالات فريدة، فضلاً عن حضورها الشكلي في الألوان والخطوط والتطبيقات العملية لها.

    والغريب في الأمر أن يكون اسم المشروع محلي وذو طابع نفتخر به منذ القدم، وهو اشتهار هذه الجزيرة المعطاءة باللؤلؤ الطبيعي والثروة البحرية، في حين نرى أن الشعار يعكس نمطاً وثقافة من أقاصي شرق آسيا، وكأننا نتحدث عن بحريني متصيِّن “أي صيني”، فضلاً عن عدم تقديم المشروع لبدائل طمر المساحة المائية، وذلك من خلال بيئة طبيعية للأسماك والحياة البحرية بصورة عامة، ولا يكفي دعم دراسات عن الحياة البحرية لهذه الجهة أو تلك ما دمت تدمر أساس الحياة البحرية، ومع وجود “..بأسلوب أهل الجزر” في الشعار!

    موقع مشروع درة البحرين
    http://www.durratbahrain.com/

  • Power of clothes

    trying to introduce some of Political and cultu… (more)
    Added: December 06, 2007
    trying to introduce some of Political and cultural Arabs issues through clothes.one of the issues was the Arabic Heritage through Arabic Calegraphy, and the other about Iraq.
    to answer the Question, how we can show our issues through fashion style

  • عنواني ما يكسر ظهري


    عنواني ما يكسر ظهري
    جعفر حمزة

    (رن جرس الباب.. أهلاً وسهلاً.. شرفتم فيلامار.. كم أنا مشتاق لكم.. ما شاء الله لم تتغيروا كثيراً.. يبدو أن الراحة والطمأنينة جعلت صحتكم وكأنكم ما زلتم في العشرين من أعماركم.
    محمد وين عنوانك؟ من أشهر عدة انتقلت إلى فيلا فاخرة في جزر أمواج.. ما عدت أحتمل التلوث في المحرق.
    جاسم وين عنوانك؟ إن شاء الله الأسبوع المقبل تفضلوا على العشاء عندي في الرفاع فيوز.
    راشد وين عنوانك؟ والله حالياً ساكن في فيلا بنيتها قبل عدة سنوات ولكن في أشهر سأنتقل إلى فيلا جديدة في درة البحرين، دعواتكم لنا.) (١)

    تلك هي الصورة التي يرسمها الواقع السكني “المُعلن”، إذ يكفيك الإعلانات على مد البصر لمشاريع سكنية وعقارية تشعر معها بــ”غبطة الأسى”، إذ يُفرح البحريني أن يرى تلك المشاريع قائمة على أرضه، إلا أن الأسى يبقى المسيطر دائماً عند النظر إلى الفئة المستهدفة من تلك المشاريع، في حين أسقف بيوت الكثيرين ما زالت “خاشعة” تريد أن تركع أو تسجد على ساكنيها!

    أصبحت لغة “الوردية السكنية” طافحة في كل مشروع عقاري تقريباً، حتى إنتهت عبارات “السكينة والرفاهية والتميز والرقي والفخامة و…..”، إنتهت كل تلك العبارات من قاموس اللغتين العربية واإنكليزية، لتبدأ حملة العناوين المركبة التي لا تنتهي.
    ما يُقلق البحريني هو خطاب عقاري وآخر إعلاني، فالأول تتركز فيه رؤوس الأموال الضخمة في مشاريع عقارية للطبقة المرفهة و”المتروس جيبها” من بحرينيين وأجانب، والخطاب الإعلاني يعزز تلك الصورة من خلال إيحاءت صورية ولغوية يتم تركيبها لتأصيل خطاب “طبقي”من أجل عيون فئة قليلة، في حين تستمر تحركات المطالبة بوحدات سكنية هنا واعتصامات هناك، وترتفع وتيرة البحث عن مطلب طبيعي أصيل لكل مواطن بحريني في السكن على أرضه، وعند النظر للأرقام التي تتحدث عن حجم الأصول العقارية البالغة ٣٠ مليار دولار أمريكي من جهة، وفائض الموازنة للدولة بعد إرتفاع سعر النفط إلى ٩٠ دولاراً للبرميل، وهو ما يوفر ما قيمته مليار دولار سنوياً وهي التي تكفي لبناء أكثر من ٣٠ ألف وحدة سكنية من جهة أخرى.

    يتبيّن من كل ذلك ضرورة وجود رؤية تنتهجها الحكومة والقطاع الخاص من خلال دعم المشاريع التي تقدم “التنفس الصناعي” لذوي الدخل المتوسط والمتدني، لكي تتم عملية التوازن التي إن فُقدت، فإن الأمن المجتمعي سيتعرّض للتهديد لا محالة في ظل هذا الواقع وهذا النوع من الخطاب والممارسة الإعلامية الشاحنة لذلك الذي شاب رأسه قبل أوانه للبحث عن حل سكني، في حين يرى الأرضٍ على مد البصر يتم تقديمها كقطع الكعك المحلاة مع الكريمة لفئة تبحث عن “التميّز” و”الرفاهية” و”الطمأنينة” في قبال فئات بدأت تتآكل من الداخل وهي مام الأمان في بقاء التوازن المجتمعي موجوداً، وهي الفئة المتوسطة الدخل.

    ما هو موجود من مشاريع قد تم تقديمه بطريقة صورية إعلانية تُسهم في تعزيز الطبقية والشعور بها، ويبدو أن هذا السيناريو لم يكن المسيطر والسيد في معرض البحرين للدولي للعقارات “بايبكس 2007”، إذ تم تقديم مشاريع وحلول سكنية لذوي الدخل المتوسط، وهذا يمثل إنجازاً وخطوة للتخفيف من الهوّة المحتمل توسعها بين الطبقات في المجتمع.

    ومن المُلفت للنظر-واعتقد أنها أول مرة في البحرين في المجال العقاري- أن ترى إعلانين لفئتين مختالفتين وتم استخدام نبرتين مختلفتين في تقديم خيار سكني و حل سكني. ففي مجلة “العقار” العدد ٢٩ ، وفي صفحتين متقابلتين -وكأنها تحكي الواقع- يتم تقديم خيار سكني يعتمد فيه على التميّز في الموقع مما يعكس نمط معيشة لطبقة معينة وهو مشروع “فيلا مار”، وفي الصفحة المقابلة يكون الحل السكني حاضراً من خلال مشروع “بوابة سار” لذوي الدخل المتوسط، وقليلة هي تلك المشاريع التي تقدم حلولاً سكنية لتلك الطبقة المحصورة بين خيارات سكنية لا يمكنها أن تأخذها.

    فلم يكن لتلك المشاريع الوردية شريك، ومن حسن الحظ أن تكون هناك مشاريع تقدم الحلول بدل الخيارات بين “الرفاع فيوز” و”فيلا مار” و”أمواج” و”درة البحرين” والقائمة تطول، ليكون ما يبحث عنه المواطن البحريني هو مسكن قادر عليه يناسب حاله ويقدم له الجودة والمسكن الملائم له ولعائلته، ليقول على لسان الحال عند الحديث عن مسكنه القادر على امتلاكه وبملأ الفم:(عنواني ما يكسر ظهري).

    (١) “عنواني فيلا مار”، إبراهيم بوجيري. الوقت، العدد 635