كيف نحول هذه الصناعة المربحة لدول الخليج؟
في زمن تتعقّد فيه سلاسل الإمداد وتتغير فيه سلوكيات المستهلك، تبرز صناعة التعليب كأحد أعمدة الأمن الغذائي والابتكار الصناعي. لكن، هل نراها في الخليج كفرصة استراتيجية أم مجرد صناعة تقليدية؟
في زمن تتعقّد فيه سلاسل الإمداد وتتغير فيه سلوكيات المستهلك، وتتنوع فيه المنتجات، تبرز صناعة التعليب كأحد أعمدة الأمن الغذائي والابتكار الصناعي معاً، فهل نرها كفرصة استراتيجية أم مجرد صناعة تقليدية؟
تعليب المنتجات عالم مختلف في أبعاده وتجربته وأهدافه، يلزمه الفهم، والتجانس، والتفكير في أكثر من بُعد. فهو لا يقتصر على وضع المنتج داخل العلبة فقط، بل يتعدى ذلك إلى أمور مثل:
. التأكد من المحافظة على ما يحتويه المعلّب
. تجربة المستخدم، في طريقة فتح واستخدام المنتج
. تصميم العلبة الخارجي ووضع الهوية البصرية عليه، بطريقة واضحة وملفتة، ليتم الاختيار بين عشرات المنتجات من رف واحد
. طريقة صفه على الرف وكيفية تخزينه وطريقة اعادة استخدامه (مثل المنتجات الموضوعة بكيس)
ويحضرني هنا ما ذكره “عبدالحسين عبدالرضا” الله يرحمه في مسلسل درب الزلق الكويتي 1977: بيي يوم يبيعون فيه المچبوس في قواطي!” (سيأتي يوم يبيعون فيه أكلة خليجية مكونة من الأرز واللحم في معلبات)
وكان تنبؤه في محله ورأينا ذلك فعلاً، عبر وضع العديد من الأكلات في معلبات، لتكون جاهزة للأكل من بعد فتح العلبة.
عالم المعلبات بحر لم نقترب منه إلا قليلاً.
تُعد الصين من بين أكبر الدول المُصدّرة للمعلبات في عام 2024، بنحو 2.1 مليون طن من الشحنات، إلى جانب إيطاليا التي سجلت نفس الكمية تقريبًا
المصدر:
https://www.indexbox.io/blog/canned-food-world-market-overview-2024-1/?utm_source=chatgpt.com
حجم السوق
- من المتوقع أن تنمو سوق التغليف في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.2% خلال الفترة من 2025 إلى 2030.
- من المتوقع أن يصل حجم سوق التغليف إلى 1.43 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب
(CAGR)
يبلغ حوالي 3.89%.
وهذه الصناعة لا يمكن اعتبارها “عادية” أبداً، لأن جوانبها متعددة ومعقدة، فالتعليب يكون للمستهلكين العاديين، وبعضها للجنود وأخرى للمكتشفين والمغامرين وثالثة لرواد الفضاء وغيرها للعاملين وسط البحار، فضلاً عن الأغذية التي تكون خاصة بعضها للأطفال، وبعضها لكبار السن وغيرها للمرضى، والقائمة طويلة.
نحن نحتاج هذه الصناعة، وبشكل أكبر خصوصاً بمنطقتنا الخليجية، وتزداد أهميتها، من بعد جائحة كورونا، والمشاكل الجيوسياسية والتي توثر على سلاسل الإمداد والتورد.
ببساطة نحن في أمس الحاجة لهذه الصناعة ، سواء في السلم أو الحرب.
في السلم: للحفاظ على النعمة وتقنين استخدامها وسهولة نقلها وحفظها، بما يتناسب مع قيمنا كمسلمين.
في الحرب: لتكون مأمناً غذائياً للاستخدام وقت الأزمات.
وعند التفكير في الأغذية المعلبة، سيجر الابتكار في طرق المحافظة عليه والتنويع في تلك المنتجات.
في كل زاوية فرصة، يعتمد الأمر في كيفية النظر والعمل لها.
وصناعة التعليب والمعلبات يلزمها شركات تعمل في مجال الورق والبلاستيك بالخصوص، إلى جانب فهم سلوك المستهلك وطريقة وضع المنتج في التعليب المناسب له. ويجر الأمر على طرق التخزين والنقل والصف والعرض والاستخدام وإعادة الاستخدام، ومن بعد ذلك إما التدوير أو التخلص السليم.
نحن نتحدث عن دورة حياة منتج متكاملة، وينبغي العمل على أن يكون ضمن الاقتصاد الدائري وليس الخطي، لتتم الاستفادة من المعلبات دون ضررها على البيئة، فضلاً عن تكلفة التخلص منها.
المرحلة | التوصيف |
التصميم والإنتاج | اختيار مواد تعليب صديقة للبيئة وتناسب طبيعة المنتج |
التخزين والنقل | مراعاة متطلبات التبريد أو الحرارة وشكل التعبئة للتوزيع الفعّال |
العرض والاستخدام | تسهيل تجربة المستهلك في الفتح والاستخدام مع إبراز الهوية البصرية |
إعادة الاستخدام/التدوير | إمكانية إعادة استخدام العلبة أو تدويرها بطرق مبتكرة ومستدامة |
التخلص | الاعتماد على طرق التخلص الآمنة بيئياً، أو الاستفادة من المواد الثانوية |
وعندما يتم اتقان الأمر، يمكن تحويل السوق المحلية لمركز تصدير مناسبة للعدد الضخم الموجود للمشاريع الحكومية وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
أهم محفزات النمو في السوق العالمية
- نمو التجارة الإلكترونية وتوسع البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.
- تزايد الطلب على حلول التغليف المستدامة والصديقة للبيئة.
- تطور تقنيات التغليف، مثل التغليف الذكي والطباعة الرقمية.
- ارتفاع الاستهلاك في الأسواق الناشئة، خصوصًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
محفزات النمو في الخليج العربي
- خطط تنويع الاقتصاد وتطوير البنية التحتية، مثل رؤية السعودية 2030.
- زيادة الطلب في قطاعات الأغذية والمشروبات، والأدوية، والتجارة الإلكترونية.
- القوانين الحكومية الداعمة لاستخدام المواد القابلة لإعادة التدوير.
- التطور التقني والاستثمار في قدرات التصنيع المحلية.
المجال | السوق العالمية | الخليج العربي |
التجارة الإلكترونية | توسع البيع بالتجزئة عبر الإنترنت | زيادة الطلب في التجارة الإلكترونية |
الاستدامة | تصاعد الطلب على التغليف الصديق للبيئة | قوانين حكومية داعمة لإعادة التدوير |
التكنولوجيا | تقنيات التغليف الذكي والطباعة الرقمية | تطور تقني واستثمار في قدرات التصنيع المحلية |
الاستهلاك | ارتفاع الاستهلاك في آسيا والمحيط الهادئ | نمو استهلاك الأغذية والمشروبات والأدوية |
الاقتصاد | – | خطط تنويع الاقتصاد مثل رؤية السعودية 2030 |
الابتكار والتعاون الأكاديمي في التعليب
عندما نبدأ بالتفكير في الأغذية المعلبة، ينسحب التفكير نحو الابتكار في طرق حفظها، والتنوع في محتوياتها. وتمثل الجامعات أفضل البيئات لاحتضان واختبار الابتكار في هذا المجال، بالتعاون بين الجامعات والمطابع والشركات الناشئة والمتوسطة، مع التركيز على الاستدامة والتدوير الذكي والتعليب الصديق للبيئة. يمكن تخيل التعاون بين تخصصات علم النفس، التصميم، الفن، والهندسة لتوليد تجربة معلبات تفهم سلوك المشتري وتشبع ذائقته بطريقة عملية وبتكلفة مناسبة.
متطلبات صناعة التعليب والمعلبات
- شركات متخصصة في الورق والبلاستيك.
- فهم عميق لسلوك المستهلك.
- اختيار الشكل المناسب للمنتج حسب خصائصه.
- زيادة نوعية المعارض المتخصصة في المجال.
- تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر مع توطين المعرفة.
- الدعم المالي والتقني للشركات المحلية للتوسع والابتكار.
- الترويج للشركات البحرينية لتكون الحل الأمثل للتغليف في المنطقة.
- الانتقال من مجرد شراء الماكينات إلى أن نصبح شركاء في التصنيع المحلي.
- ابتكار في المواد الحافظة، إضافة إلى مواد تصنيع المعلبات
رؤية مستقبلية: تحويل البحرين إلى مركز تعليب إقليمي
عندما يُتقن الأمر، يمكن تحويل السوق المحلية إلى مركز تصدير يخدم المشاريع الحكومية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويخلق قيمة مضافة حقيقية. يمكن للبحرين أن تصبح مركز تصميم وصناعة التعليب في المنطقة، بفضل المهارات والقدرات المتوفرة، والذائقة البصرية المميزة لدى العديد من المواهب المحلية.
إذا أردنا أن نكسب رهانات الأمن الغذائي والابتكار الصناعي في آنٍ معًا، فعلينا أن ننظر لصناعة التعليب كقيمة استراتيجية لا مجرد منتج محفوظ.
أمثلة للتعليب:
https://www.instagram.com/reel/DKE8DauNvgw/?igsh=MTBoazR5dWhyODEybg==


