البلاد: حمزة: يتفاعل الإنسان مع الدمية لأنه يضفي عليها “روحه

الطفل يحتضنها لأنها تؤنسه

صحيفة البلاد 11 يوليو 2009

قال الكاتب جعفر حمزة على هامش توقيع إصداره الأول “أنا أحب دميتي… سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية” في مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، “إن العرائس صورة أولية للدمى الحالية التي تتمتع بتفاعلية مركبة تتمثل في الإتقان الدقيق لصناعتها في تفاصيل ملامحها وأشكالها من ناحية، ومن ناحية أخرى الأساليب التفاعلية التي تضاف إلى الدمية بين الحين والآخر”.

وعن سؤال البلاد حول العلاقة بين الدمية والطفل وكيفية تقييمها، قال حمزة “هي علاقة “أليس” مع الحفرة التي تقودها لبلاد العجائب. الحفرة التي تمثل البوابة لعالم آخر، عالم تختلف فيه القوانين ويسرح فيه الخيال ويتزاحم فيه كثير من الصور ليكون الطفل أو بالأصح الطفلة هي الأميرة والمالكة لذلك العالم بحدود أصابعها الصغيرة، وإن توسعت فستكون بحدود غرفتها. كذلك هي علاقة الإنسان بصورته “المصغرة” التي تعطيه “القوة” و”التحكم” و”الاستئناس”. حيث يشير كثير من البحوث والدراسات بأن الدمية كانت قديمة كقدم عمر الإنسان الأول، حيث كانت رفيقته بصورة أو بأخرى، بطريقة مقدسة كآلهة مصغرة أو رمز لإلحاق الأذى كاستخدامها في السحر الأسود “الفودو” بأفريقيا خاصة”. وعن علاقة الدمية بصانعها، قال “هي علاقة معقدة وذات سيرة ذاتية طويلة الأمد، وما نراه اليوم هو “تجديد” لتلك العلاقة ومنح صورة جديدة لها أكثر تفاعلاً وأوسع انتشاراً وأشد تأثيراً”. وعن تعلق الطفلة بالدمى أوضح حمزة “يبدو أن علينا أن نجرب أن نرفع الصوت على الدمية المحببة للطفلة، فضلاً عن أخذها بعيدا عنها، فسترفع الطفلة عقيرتها وتصرخ لأننا نهدد علاقة الود الخفية والمؤانسة البريئة بين الطفلة وصاحبتها الدمية. بالرغم من يقينها أو معرفتها أو حتى إدراكها بأن الدمية لا تُسمن ولا تُغني من جوع، إلا أنها تُضفي عليها صفة الحياة و”الروح” عندما تكلم الطفلة دميتها وعندما تلاطفها، وتشرب معها الشاي، بل وتنام معها، هو ذلك الإسقاط العجيب من الإنسان لقدرته اللاواعية علـى ما يحيط به من “روح” ليتفاعل معه لا شعورياً”. وهل الطفل يرى نفسه كصورة من الدمية، أجاب حمزة “قد تكون الدمية هي الصاحب وقد تكون هي المثال. ولا أدل على ذلك من الدراسات التي تشير إلى ارتفاع نسبة شراء مستحضرات التجميل عند الفتيات الصغيرات بعد إطلاق نسخة جديدة من الدمية “باربي” أو “براتز”. والأمر سيّان بالنسبة لدمى الأطفال الذكور، فالأبطال لا بد أن تكون بين أيديهم أدوات البطولة من سلاح وجهاز وغيرها، لتمثل الدمية الأنثى أو الذكر “الأنموذج” الجاهز الذي يتم التفاعل معه. والطفل لا يرى نفسه كصورة من الدمية بقدر ما يرى الدمية كملهمة وداعمة ومؤانسة له في تخيله وسلوكه”. وهل يغير الطفل من سلوكياته تماشيا مع الدمية أكد حمزة “أن كثيرا من الأمهات في الولايات المتحدة الأميركية رفعن شكاوى على الشركات المالكة للدمى، كونها تروّج أنموذجاً “جسدياً” سيئاً وسلبياً، سواء من الناحية الصحية أو السلوكية. مما دفع بكثير من الفتيات للقيام بريجيم قاس أضر بصحتهنّ، وذلك للوصول إلى الصورة الأنموذج الدمية بجسدها…”. مستدركا بالقول “إن الملايين تنفق في تصنيع وترويج وتسويق الدمى في العالم لأن الطرف الأخير في المعادلة يقوم بواجبه شراءً وتفاعلاً لتكتمل حلقة التصنيع. سواء أكان التفاعل سلبياً أم إيجابياً”. وتحديدا عن باربي الدمية الشقراء المرغوب شراؤها قال “ليس بالضرورة ان تكون مرغوبة لأنها شقراء، فالدمية تبقى دمية في الأخير، فلو كان الترويج بأن الفتاة ذات البشرة السمراء هي الأجمل فستكون “باربي” في خبر كان”. وأكمل معلقا “نرى أن الانجذاب نحو الدمية العربية “فلة” قد آتى ثماره… “فلة” أنموذج يتحرك من علبة الشوكولاتة إلى سرير النوم، فضلاً عن وجود نماذج صوتية وبصرية جميلة كالأغاني والأناشيد الدينية التي تدفع حتى الوالدين ليكونوا من محبي أو على الأقل من مؤيدي “فلة” دون غيرها، لتناسبها مع قيم المجتمع وهي أقرب إليهم من الشقراء الآتية من الغرب”. وأرتأينا أن نسأل حمزة عن مدى انعكاس الدمية على شخصية الإنسان فأجاب “الدمية كأي منتج آخر، يتم إسقاط بعض سمات الإنسان عليه خصوصا الذكاء. فكيف نتوقع صنع الإنسان لصورته “الدمية”، فستكون الصورة التي يريد أن يكون هو عليها دون غيرها، لذا تجارة الدمى في العالم تُعد بالملايين”. ويرى حمزة “أن تصنيع الدمى من جانبها الأنثوي أكثر من الذكوري، نتيجة تعدد طرق إظهار العنصر الأنثوي جسداً وسلوكاً، سواء من ناحية الماكياج واللباس والاهتمامات والتفاعل الصوتي “الغناء” وتسريحة الشعر، لذا نرى من الطبيعي أن تكون “باربي” و”براتز” و”فلة” هي النماذج الأكثر انتشارا في السوق العالمية دون غيرها من الدمى الذكورية”. أما عن حمل الطفل لدمية معه أينما كان خاصة عند النوم، فقال “يحمل الطفل الدمية لتكون له “عضداً” وإن كان وهمياً، ولتكون له “أنيساً” ولو كان في الخيال، ولتكون له “صاحبة” وإن كان في الذهن فقط لا غير”. مشيرا حمزة في ختام كلامه الى أن “الإنسان حيوان اجتماعي يحب المؤالفة والتآلف، لذا يحاول أن يصنع مما حوله ما يسد هذا الجانب، وهو ما يجعل الطفل يحتضن الدمية بقوة وبين ذراعيه ليستمر شعوره بوجود أحد معه

Leave a Reply