قراءة في كتاب “الأوريغامي المقدّس” بقلم أ.عبدالإله يوسف 1-3


 قراءة في كتاب ( الأوريغامي المقدس للكاتب جعفر حمزة  

بقلم الأستاذ  عبدالإله يوسف

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته .


هذا هو الكتاب الثاني الذي أقرأه للأخ العزيز ( جعفر حمزة ) وكنت قد ساهمت بقراءة سابقة لكتابه الأوّل ( أنا أحبّ دميتي 2009م ) في هذا المنتدى المبارك .
إذا هاأنا من جديد مع عمل آخر بعد مرور 4 سنوات ، وبالتأكيد هذه الفترة أعتقد أنها كافية للكاتب أن يعيد فيها مراجعة بعض أفكاره فيستبعد بعضها ويبقي على البعض الآخر ويقوم بإبداع أفكار جديدة مناسبة لهذا التطور الفكري ، وهكذا هو الكاتب الناجح دائما لايبقى على وتيرة واحدة وإنما يحذف ويضيف ويبدع مع تقدمه في مشوار الكتابة .
وفي الحقيقة أنا من أشدّ المعجبين بأخي ( جعفر حمزة ) ومايبذله من جهد مخلص على أكثر من صعيد لتنوير المجتمع بالأفكار الجديدة ونقد المظاهر السلبية في الفرد والمجتمع من خلال أسلوبه الشائق والجميل في توصيل الفكرة ، وكذلك من خلال دمجه الأفكار الحديثة في مختلف العلوم مع الأفكار التقليديّة ليخرج لنا بمزيج فريد من نوعه .
وفعلا لم يخيّب كتابه الجديد ( الأوريغامي المقدس ) ظني هذا ، وكنت بالفعل على موعد مع وجبة دسمة وشهيّة من الأفكار المحفزة المقدمة بأسلوب إبداعي جديد ، وأرجو أن أوفّق لتقديم قراءة تليق بما بذله الأخ العزيز ( جعفر حمزة ) من جهد واضح في كتابه هذا .
لكن قبل البدء بالقراءة أحببت توضيح بعض الملاحظات والخطوط العريضة فيما يتعلّق بطبيعتي كقارئ وماأفضله من مناهج في قراءة الكتب ، فأنتم خير من يعلم بأنّ الفترة الأخيرة في عالم القراءة قد شهدت توسعا كبيرا وإضافات هامّة لما بات يعرف ب( نظرية التلقّي ) أو كيف يتلقّى القارئ الكتاب ويستجيب له ؟ وبعيدا عن الخوض في هذا المجال ، أردت فقط أيضاح مايلي :-

أنا شخصيّا لست من محبي مايعرف بكتب ( التطوير الذاتي أو مساعدة الذات

SELF HELP BOOKS

  والتي تعتمد على طرق ( علم النفس الإيجابي                       

SELF ESTEEM

) في تحفيز الفرد وإبراز قدراته الكامنة من خلال شحن ثقة الفرد بذاته  بالمعاني الإيجابيّة دائما وأنه قادر لوحده على صنعالتغيير حتى لو وقف كلّ العالم ضده !!

طبعا ولكي لايساء فهمي أنا لا أقصد من عدم محبتي لهذه النوعية من الكتب أنني لا أرى فيها أيّ فائدة على الصعيد العملي ، لا ليس هذا ماأقصده ، فكتب التطوير الذاتي حقل كبير وواسع وساهمت بعضها في انتشال العديد من الأفراد من أزمات حياتيّة مؤلمة مروا بها ، كما ساهمت في نجاح العديد من المشاهير ووصولهم لذرى المجد . هذا كله صحيح ، إلا أن ماعنيته هو أن هذه الكتب لا تقدم كلّ الصورة للحياة الإنسانيّة وشروط التغيير بل هناك جزء كبير يغيب عن الفرد القارىء لهذه الكتب وهو جزء مهمّ يجب اخذه في الحسبان عند محاولة صنع أي تغيير . لذلك حذّر العديد من علماء النفس من خطورة التسليم بكلّ مايرد في هذه النوعية من الكتب وضرورة أخذ مافيها بتأمّل وعدم تسرّع ، حتى أنّ بعض الكتّاب أطلق على هذه النوعية من الكتب ومايقدم فيها إسم ( الفقاعة السيكولوجيّة

PSYCHOBABBLE

) تماما مثل الفقاعات الإقتصاديّة في أسواق المال التي تنتهي بانهيار البورصة وإفلاس العديد من الأفراد والشركات .
لماذا أذكر هذه الملاحظة ؟
لأنّ جزء من كتاب الأخ ( جعفر حمزة ) يتعلّق أو يمكن تصنيفه تحت هذا الباب ، طبعا هذه ليست دعوة للإنصراف عن الكتاب وعدم قراءته ، فكما ذكرت قبل قليل الخطورة ليست في قراءة هذه الكتب وإنما في عدم توسيع الصورة لمدى أكبر مما تقدمه هذه النوعية من الدراسات .

2) أنا شخصيّا إنتمائي الفلسفي المنهجي لمدرسة ( مابعد الحداثة ) أو فلسفات موت الذات ، ماذا يعني ذلك ؟
يعني ذلك أنّ الذات ليست هي من يصنع التغيير رغم أهميتها ، مايصنع التغيير هو تغيير في ( البنية

STRUCTURE 

) وهذه البنى سابقة على وجود الإنسان وهي فاعلة في وجود الإنسان والإنسان منفعل بها دون ان يعلم . هل يعني ذلك أننا مجرد أدوات للبنى ؟ هل نحن مجرّد عرائس على مسرح تحركنا البنى كيف تشاء ؟ هل نحن لسنا احرار وأنّ التغيير وهم ؟ أسئلة كثيرة ليس هذا مقام الإجابة عليها ، إلاّ أنني أردت القول بأنّ الإعتقاد الساذج والبسيط بأن التغيير ينبع من الذات ويسير بكلّ سهولة نحو تغيير الخارج والعالم وكأنه انعكاس آلي ، هذه الفكرة هي وهم اخترعته مايعرف بفسلفات الذات أو الكوجيتو الديكارتي . التغيير له شروط خارج الذات هي من الأهميّة بمكان بل تفوق مالشرط تغيير الذات من أهميّة وهذا ماساهمت في إيضاحه فلسفات مابعد الحداثة على تفصيل ليس هذا محلّه .

الآن بعد إيضاح هذه الملاحظات أبدأ في قراءة فصول الكتاب :-

ولنبدأ كالعادة بعتبة القراءة وهي عنوان الكتاب ( الأوريغامي المقدس ) …..
الأوريغامي وكلكم أتصوّر لديكم معرفة بهذا المصطلح الياباني ، الأوريغامي هو أحد الفنون اليابانيّة يعني ( فنّ طيّ الورق ) ، حيث ( أوري ) تعني الطي و( غامي ) تعني الورق وهو فنّ ياباني تقليدي بدأ منذ القرن السابع عشر ثمّ توسّع وانتشر لبقيّة أنحاء العالم . وفكرة الأوريغامي قائمة على تجسيد الأشكال ذات البعد الثنائي إلى أبعاد ثلاثية ملموسة ذات أشكال محددة من خلال استخدام الورق العادي وطيه وثنيه وفق تكنيك معين لينتج لك في النهاية شكل كائن أو حالة معينة في بعد ثلاثي.
وحسب موسوعة ( ويكيبيديا ) فإن هذا الفنّ قد تطوّر مع القرن العشرين إلى أشكال معقدة تدخل فيها الرياضيات لقياس أبعاد الشكل .

( الأوريغامي المقدس ) ، هل نحن أمام نوع جديد وصنف جديد من الأوريغامي ؟ بأي معنى يكون فنّ طيّ الورق مقدس ؟ هل يمكن أن يصبح فنّ من الفنون مقدس ؟ أم أن المعنى هنا هو ( فنّ طي المقدس ) ؟ ولكن هذا المعنى أغرب أيضا ، المقدس كما نفهمه هو الخارج عن بعد المادة والذي يحلّق في عالم التجريد ، فكيف نطوي المجرّد ؟ وإذا كان الأوريغامي هو تحويل الكائن ذو البعدين إلى كائن ثلاثي الأبعاد فهل ينطبق ذلك على المقدس أيضا ؟ هل يمكننا بعد أن نقرأ كتاب ( الأوريغامي المقدس ) أن نرى كائنات المقدسة وقد تحولت إلى أشكال ثلاثية الأبعاد أمامنا ؟
هل من سبيل للإجابة على هذه الأسئلة المتشابكة وماهي دلالة العنوان ( الأوريغامي المقدس ) ؟

لمحاولة العثور على إجابة سوف ننتقل لمقدمة الكتاب بعد العنوان علّنا نعثر على بغيتنا :-
(( تحرير الإنسان من قيود الفكر المتراصة بين يديه والتي تشكّل أطرا لفهم ذاته وماحوله ، نتيجة عرف أو عقل جمعي منذ ولادته ، كلّ ذلك يجعله في صندوق أسود يصعب عليه الخروج منه ، إلا في حالة واحدة فقط وهي ( إذكاء الفطرة ) وإطلاقها بحريتها الطبيعية لتبحث وتسأل مثل آدم لا يتوقف حتى يشبع نهم المعرفة والسؤال عنده ، سؤال الفطرة والعفوية الدافع لتشكيل مسار هضم معنى الوجود والعمل على توظيفه في أفضل صورة )) – ص9 –

هذه هي الفقرة الأولى في المقدمة اقتبستها كلها لأهميتها ، أهمية هذه الفقرة هي في كونها تعبّر عن فهم الكاتب لسبيل الفهم وخلق المعنى في هذا الوجود ، هذه السبيل هي حالة واحدة فقط أطلق عليها الكاتب ( إذكاء الفطرة ) ، ماهو إذكاء الفطرة ؟
هو إطلاقها بحريتها الطبيعيّة لتبحث وتسأل لا يوقفها شيء تماما مثل أبينا آدم في بداية الخليقة وبحثه عن شجرة المعرفة المقدسة التي أكل منها وبدأ رحلته الطويلة نحو كوكب الأرض .
إذن هل كتاب ( الأوريغامي المقدس ) هو هذه الرحلة نحو المعرفة من خلال ( إذكاء فطرة ) القارئ للبحث والتساؤل المستمرّ ؟ هل الأوريغامي المقدس هو بحث في نظرية المعرفة وسبل تحصيلها ؟
ربما ، لكن لنتابع مايقوله الكاتب ، فبعد الفقرة الأولى من المقدمة نقرأ السطر التالي :-
(( وقد لا تكون تلك الفطرة كافية لتحرير الطاقة الكامنة في الإنسان ليدرك من أين وإلى أين وكيف وماذا ولماذا وهل ؟)) – ص9 –
إذن الفطرة قد تكون غير كافية ، وحالة إذكاء الفطرة التي تهب الإنسان حرية البحث والتساؤل الطبيعي عن معنى الوجود لا تكفي لتحرير طاقة الإنسان وقدرته الإدراكيّة ، ولن تجيب على أسئلة المعرفة : من أين ؟ إلى أين ؟ كيف ؟ ماذا ؟ لماذا ؟ هل ؟
هل معنى ذلك أن الجهل هو قدرنا إذ ليس بوسع الفطرة أن تمنحنا معنى ومغزى لهذه الحياة ؟ هل اللامعنى هو خاتمة المطاف ؟
لا يبدو ذلك ، فهناك بارقة أمل تعيد للمعنى جذوته وتساعد الفطرة في التغلّب على نقصها الطبيعي ، ماهي بارقة الأمل هذه ؟
(( فكان لابدّ من محفّز خارجي

CATALYST

يساعد في سحب تلك الطاقة من الخارج إلى جانب دفع الفطرة من الداخل . ويتمثل المحفز الخارجي في الأنبياء والرسل )) – ص9 –
ليس الجهل قدرنا والوجود يمكن أن يكون له معنى باستخدام الفطرة من الداخل و العامل المحفز من الخارج وهم الأنبياء والرسل ، وبتضافر هاذين العاملين يمكن أن يسير الإنسان من أجل الإعمار والإصلاح وأن يكون خليفة الله في أرضه . لكن ماهي سبيل الأنبياء لتحفز الفطرة على إخراج مكنوناتها وطاقتها الحبيسة ؟
(( وكانت أداة التدبر هي الأداة الناجحة في تحرير تلك الطاقة من مكمنها المندس)) ص9
الأداة هي التدبّر إذن ، هل يصبح العنوان ( الأوريغامي المقدس ) هو فنّ طي المقدس بمعنى ( فنّ تدبّر المقدس ) ؟ وبأي معنى نتدبّر المقدس بطريقة الأوريغامي ؟ لنحاول التعمق اكثر في كلام الكاتب حول معنى التدبر : (( وتأتي دعوة التأمل والتدبر من نفس الكتاب المقدس وهو القرآن الكريم ، كلام الله تعالى ، وكلّ نصّ له قابلية تأويل مما خلق تعددا في المدراس الفكرية والمذاهب )) –ص10 –
هل التدبّر هو التأويل ؟ هل بعث الأنبياء لتحفيز البشر على تأويل الوجود ؟ هل القرآن الكريم هو كتاب تأويل أم تفسير ؟
حسب مايراه الكاتب هو أن التأويل طبيعة بشريّة راسخة ( فلكلّ منّا نافذته التي يطلّ منها على نفس الغرفة المقدسة وهي القرآن الكريم ) ، وإذا كانت طبيعتنا البشرية الراسخة هي التأويل فإذكاء الفطرة هو بعث وإخراج طاقة الفطرة المحبوسة بفعل العقل الجمعي من خلال إعادة الاعتبار للتأويل ، وبما أن الفطرة لوحدها لن تقوم بهذا الأمر بل لابدّ من محفز خارجي وهم الأنبياء والرسل ، فإن ذلك يعني أن مهمّة الأنبياء والرسل هو توضيح الطريق للتأويل بما يعيد للفطرة طبيعتها الحرّة التي خلقت عليها منذ الأزل حيث البحث والتساؤل المستمرّ بعفويّة وانطلاق .

هل تعني هذه الخلاصة أنّ معنى ( الأوريغامي المقدس ) بات واضحا الآن ؟ هل نفهم ممّا تقدم أن هذا الكتاب هو كتاب في فنّ التأويل ؟ هل الأوريغامي المقدس هو فنّ تأويل المقدس ؟ ولكن بأي معنى يكون تأويل المقدس بطريقة الأوريغامي ؟
لنتعمق أكثر كمحاولة أخيرة للظفر بمعنى وعنوان الكتاب ( الأوريغامي المقدس ) ، ولكن قبل ذلك لنلخص ماتوصلنا له لحدّ الآن من محاولات في معنى عنوان الكتاب : –
1) الأوريغامي المقدس أي البحث في نظرية المعرفة وسبل تحصيلها .
2) الأوريغامي المقدس هو فنّ تدبّر المقدس .
3) الأوريغامي المقدس هو فنّ تأويل المقدس .
ثلاث معان مترابطة وليست منفصلة ، بدأنا باستنتاج أنّ عنوان الكتاب يشير إلى سبل المعرفة وتحصيلها ، وأنّ من هذه السبل هو التدبّر ، لنصل بعد ذلك إلى المعنى الثالث أنّ التدبّر هو التأويل .

لنتابع المسير ونرى مافي جعبة الحاوي من هدايا
في الأبحاث الأخيرة للفلسفة تصاعدت الفلسفات الداعية للتأويل كمنهج في العثور على الحقيقة ، وقد بدأ هذا التوجه على يد الفيلسوف الألماني ( نيتشه ) الذي رأى في الحقيقة أنها ليست إلاّ تأويل لإرادة القوّة وأنّ الحقيقة المطلقة لاوجود لها وكلّ ماهو موجود هو صراع للتأويلات تقوده إرادة القوّة .
مع تقدم الأبحاث الفلسفية دخلت علوم كثيرة في حقل التأويل مثل ( علم الهيرمينوطيقا ) الذي تمّ تأسيسه في حقل الثيولوجيا ( علم اللاهوت ) كطريق لدراسة الكتب المقدسة مثل ( الإنجيل والتوراة ) ثمّ تطوّر إلى ( الهيرمينوطيقا الفلسفية ) على يد الفلاسفة الألمان مثل ( شلاياماخر ودلتاي ) و هناك أيضا ( الهيرمينوطيقا النقدية ) ، وتوسعت أبحاث التأويل من خلال صلة التأويل باللغة وتكفلت فلسفة اللغة ببحث هذا الجانب .
هذا فيما خصّ العالم الغربي من تطورات بحقل التأويل ، أما فيما يتعلق بعالمنا الإسلامي فلمصطلح التأويل أيضا تاريخه الثري والمليء بالمنعطفات والمنعرجات الهامّة في حياة الفرد المسلم ، فهناك حروب نشأت سميت بحروب التأويل وهناك فرق نشأت وانقسمت بسبب تأويل المقدس وأشار القرآن الكريم لخطورة التأويل وأنه فنّ لايتقنه إلاّ من رسخ في العلم فقال عزّ من قائل ( ومايعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم ) – آل عمران 7-
فالتأويل إذا مصطلح غني ومليء بالدلالات الدينية والفلسفية والاجتماعية في تاريخ الإنسان .
بعد هذا الإستطراد نعود لإكمال مهمتنا التي بدأناها في البحث عن معنى لعنوان الكتاب ( الأوريغامي المقدس ) ، وكنا قد وصلنا إلى المعنى الثالث وهو أن العنوان يشير إلى ( فن تأويل المقدس ) وطرحنا سؤال بأي معنى يكون فنّ تأويل المقدس ؟
إذا تابعنا قراءة المقدمة سنعثر على إشارة ربما تسعفنا في الإجابة على هذا السؤال وهي الفقرة التالية من ص 10 : (( فليس هناك نصّ يلزمه فهم وقفي أيضا في كلّ القرآن الكريم ، بل هناك مساحة للتدبر للدخول في عمق بحر لجي في كلام الله تعالى ، والحديث هنا عن كلام الله تعالى وعملية الإسقاط الحركي لآياته في حياتنا المعاصرة ، وليس تلك التي لها جنبة تشريعية واضحة ومثبتة ))
الآن باتت الصورة أوضح أكثر ، فالحديث هنا أو موضوع الكتاب يدور حول تدبر كلام الله تعالى ، والتدبر يأتي هنا بمعنى عملية الإسقاط الحركي لكلام الله في حياتنا المعاصرة ، ولمّا كان التدبر هو فنّ التأويل كما مرّ فتصبح النتيجة الختاميّة هي أننا هنا أمام محاولة لإنزال المتعالي وهو كلام الله من حقل تعاليه إلى حقل الوجود الإنساني أو على حد تعبير الكاتب ( إسقاط حركي ) باستخدام تقنية التأويل ، إنها مهمّة شاقة ومحفوفة بالمخاطر والمنزلقات لأنّ من الممكن أن تؤدي عملية إنزال المتعالي من حقل تعاليه إلى حقل الوجود المحدود ، من الممكن ان تؤدي هذه العملية إلى فقدان المتعالي لتعاليه ودخوله في عالم الإنسان غير المتعالي ، أي يصبح المتعالي من هذا العالم لا من عالم المقدس المتعالي على هذا العالم ، هل نحن هنا أمام صيغة جديدة للعلمنة باعتبار أن العلمانيّة هي مشتقة من ( العالم وليس العلم ) كما ترى بعض الإجتهادات ؟
هل كتاب ( الأوريغامي المقدس ) هو كتاب ذو صبغة علمانيّة المنهج ؟ هل نحن أمام حيلة جديدة لتسويغ العلمانيّة ووضعنة الفكر الديني باستخدام مفاهيم جديدة للتأويل ؟ أليس التأويل هو الطبيعة البشرية الراسخة كما يذكر الكاتب والتي تخلق تعدد في المدارس الفكرية والمذاهب ؟ هل نحن أمام محاولة لخلق مدرسة فكرية جديدة ومذهب جديد تحت مسمى مذهب أو مدرسة ( الأوريغامي المقدس ) ؟
حسب ماأعرفه من توجه فكري للأخ ( جعفر حمزة ) فإن تهمة العلمنة بعيدة عنه فهو وإن كان يغرف من مفاهيم العلم والحداثة إلاّ أن منهجه هو الفكر الإسلامي بمرحلته المعاصرة حيث يتمّ تطعيم المفاهيم والأفكار الإسلامية بالعلوم الحديثة سعيا لتبيئة مفاهيم الحداثة وخلق فكر إسلامي عصري .
لكن مع ذلك لن نستعجل الحكم فنحن مازلنا في مقدمة الكتاب وربما على عكس المقولة السائدة فإن كتاب ( الأوريغامي المقدس ) لا يقرأ من عنوانه .

نهاية القسم الأول من القراءة .

المصدر:

http://www.mutak2.com/vb/showthread.php?t=16536


Leave a Reply