بين بيع الدكاكين وحكاية البراند

جعفر حمزة

BOXOBIA

رتم التسارع في تطوير الكاميرات جعل المنافسة محتدمة وواسعة وأصبحت مساحات الإبداع هو الحصان الرابح للشركات الصانعة لترضي طموح المصورين المحترفين منهم والهواة على حد سواء.
وفي عالم التقنية هناك الكثير ممن يكون له سبق الإبداع والابتكار، لكن ليس بالضرورة أن يكون متقناً لفن كسب الجمهور وتكوين قاعدته، فبالتالي ليست المعادلة خطية وحتمية.
يذكر السيد Simon Sinek في كتابه Start with Why، بأن هناك من سبق شركة Apple في عدد من الأمور التقنية وتقدم فيها، إلا أن الأخيرة أتقنت فن التسويق وعرفت كيف تسرد “حكايتها”، وبالتالي حجزت مساحتها وربطت اسمها بشكل آلي متقن بين الرسالة والتقنية.
وبالعودة إلى الكاميرات، تمثل GoPro واحدة من أجمل الأمثلة العملية في تقديم حكاية الهوية Brand Story، إذ لم يكن الأمر بالنسبة للمؤسس Nicholad Woodman مجرد منتج تقني بحت، يُرفق معه كتيب ارشادات وتعمّق في سرد مواصفاتها وميزاتها، وإن كان ذلك مهماً طبعاً، إلا أنها كانت في الصف الثاني للهوية، أما الصف الأول فكانت هي حكاية هذا المنتج وما يعنيه من مشاركة للمغامرات واللحظات الجميلة مع الآخرين.
عملت شركات منافسة ل GoPro على تقديم ميزات المنتج على قصته وتجربته، إلا أنها لم تستمر وبقيت في الظل، في حين تقدمت GoPro على المنصة وبقيت، وما زالت.
ما تقدمه GoPro هي دعوة لسرد حكايتك عبرها من خلال دمج مفهومين عميقين جداً، وهما:

أولاً: تجربة المستخدم User Experiance UX من خلال استخدام كاميرا GoPro أينما كنت لتوثق تلك اللحظات وتشارك بها الآخرين

ثانياً: تلك المشاركة هي التي تصيغ حكاية البراند Brand Story وهو رأس مال تسويقي بامتياز، كمخزون متدفق من المحتوى وهو أُس استمرار التسويق وتجدده.

ما عملت عليه

GoPro

هو تمكين الناس بمشاركة تجاربهم مع الآخرين والشعور بانتماء لمجتمع أوسع يتسم بالمغامرة، وهنا بيت القصيد في القدرة على سرد حكاية الهوية Brand Story.

 

 

تساعد GoPro في التقاط تلك اللحظات الخاصة ومشاركتها مع الآخرين. كقضاء وقت مغامرتك بتسلق الجبال أو الدخول في غابات أو قطع الصحراء أو ممارسة رياضة أو غيرها من تلك اللحظات التي تريد أن تركز في الذاكرة بشكل استثنائي.

www.gopro.com

يمثل

Brand Story

رأس المال المتجدد في تقديم تجربة العميل عبر المنتج/الخدمة للجمهور، بدمج المشاعر والأحاسيس وربطها برسالة البراند. وهذا بخلاف الطرق التقليدية في التسويق والإعلان، ويجب أن تكون الحكاية ملهمة لتفاعل المشاعر وصانعة لتجربة مميزة من الجمهور للبراند.

فالبشر بطبيعتهم يحبون القصص، ونحن من نصنعها، ونتشاركها منذ بدء الخليقة. ليس هناك ما هو أقوى من قصة جيدة. فالقصص لها القدرة على نقلنا لعوالم مختلفة، وتساعدنا في شرح أفكارنا ومشاعرنا بشكل مبسط وتفاعلي، وتهب لنا سبيلاً للتواصل العاطفي مع الآخرين.

“لم يعد التسويق حول ما تنتج، بل حول ما تسرد من حكاية”.
Seth Godin

“Marketing is no longer about the stuff that you make but about the stories that you tell.”

Seth Godin

إن ما نحتاجه هو “سرد الحكايا” لأنها تقدم ميزة التواصل العاطفي عوضاً عن الطريقة التقليدية بالبيع بذكر المزايا والمواصفات للمنتج أو الخدمة.
قوة سرد حكايا البراند، تربطنا ببعضنا البعض وتضمن استمرارية تدفق الأفكار وثبات قيمة البراند.
نحن بحاجة للانتقال من أسلوب بيع “الدكاكين” بوضع المنتج على الرف وذكر ما فيه إلى أسلوب بيع “البراند” لابتكار قصص منه وفيه.

 

وشتان بين الإثنين.

Leave a Reply